الأبحاثُ في سايبر ڤالي
نظرةٌ خلف الكواليس في مركز أبحاث الذكاء الاصطناعيّ الرائد في أوروبا.
"نعتزم جعلَ العالم مكانًا أفضل قليلاً". ريبيكا رايش هي الرئيسُّ التنفيذيُّ لمركز سايبر ڤالي (Cyber Valley)، باعتباره المركز الرائد في أوروبا للبحث والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعيّ. أُطلِقت المبادرةُ في عام 2016. وهي تُبرم تعاونًا بين مؤسساتٍ أكاديمية وشركاتٍ تكنولوجية رائدة، من بنيها جمعية ماكس بلانك، وجامعتي شتوتغارت وتوبنغن، وولاية بادن فورتمبيرغ وشركات مثل أمازون، وبوش، ومرسيدس بنز، وبورشه. وتتيح تلك الشراكات مزيجًا فريدًا من الأبحاث المتطورة والتطبيقات الصناعية في مجال الذكاء الاصطناعي. مركز سايبر ڤالي ش.ذ.م.م، الذي تأسَّس في نهاية عام 2021 ويتخذ من شتوتغارت وتوبنغن مقرًا له، يعد مُنظِّمًا مركزيًا ومضيفًا لمجتمع الذكاء الاصطناعيّ ويحظى بتمويل ولاية بادن فورتمبيرغ.
يتبلور مفتاحُ نجاح سايبر ڤالي في التعاون الوثيق بين العلم والاقتصاد، حيث يعمل باحثون ومهندسون ورجالُ أعمالٍ جنبًا إلى جنب لتحويل الأفكار المستمدة من الأبحاث إلى منتجاتٍ وحلولٍ قابلة للتطبيق داخل السوق. وتمثّل البحوثُ القلبَ النابضَ لمركز سايبر ڤالي. تقول رايش: "نحن محظوظون للغاية بأن يكون لدينا شركاءُ مثل جمعية فراونهوفر، إلى جانب جمعية ماكس بلانك باعتبارها عضوًا مُؤسِّسًا، فجمعية فراونهوفر متخصصة في تقديم معارف علمية للشركات. هكذا يمكننا خلق قيمة مضافة حقيقية للمجتمع".
يتمتع مركزُ الابتكار حاليًا بسمعةٍ طيبةٍ ليس فقط في أوروبا، بل في جميع أنحاء العالم. تضيف رايش: "إن مركز سايبر ڤالي هو المكانُ المناسب لك، إذا كنت تريدُ إجراء البحوث في مجال الذكاء الاصطناعيّ والروبوتات في ألمانيا". يتوافد الباحثون والطلاب من جميع أنحاء العالم إلى مواقع المركز في شتوتغارت وتوبنغن للاستفادة من الخبرات والموارد التي توفرها تلك المنظومة البيئية الفريدة. لقد تطوَّر مركز سايبر ڤالي في الوقت الراهن ليصبح أحد مواقع البحوث الرائدة عالميًا في مجال التعلُّم الآليّ والرؤية الآلية والروبوتات.
تسهب رايش في السرد قائلةً: "واحدةٌ من الواجبات المهمة لمركز سايبر ڤالي تتمحور في دعم العلماء الدوليين ورجال الأعمال وعائلاتهم للوصول إلى ألمانيا". يرافق مركز سايبر ڤالي الأشخاصَ منذ لحظة دخولهم إلى ألمانيا، ووصولاً إلى تأسيس شركاتهم الخاصة.
يعتبر مركزُ الأبحاث نفسَه مضيفًا ومُدشِّنًا لشبكات التواصل. تُوضِّح رايش: "تنشأ الفكرةُ نفسُها غالبًا في أماكن مختلفة وفي عقولٍ مختلفة، ومن واجبنا أن نجمع تلك الأفكار معًا". وتضيف بأن أفضل طريقة للقيام بذلك هي إجراءُ محادثةٍ دون رسميات في أثناء تناول البيتزا والسَلطة. "نُنظِّم أمسيةً مرةً واحدةً في الشهر، ندعو فيها الجميعَ من مجتمعنا. في تلك الأمسية يتعرَّف الباحثون والطلاب والمؤسسون وممثلو شركائنا أحدُهم على الآخر ويتبادلون أفكارهم ويناقشونها معًا".
يعتزم المختبرُ الأوروبيُّ للتعلُّم والأنظمة الذكية (ELLIS) بدورها كذلك تعزيزَ الأبحاث المتطورة في مجال التعلُّم الآلي والذكاء الاصطناعيّ. ويضطلع المختبرُ بأعماله ومهامه بصفته شبكة امتياز من أفضل مختبرات الأبحاث الأوروبية التي تركِّز على المشروعات والابتكارات الرائدة. تأسَّس المختبرُ في عام 2018 في مدينة توبنغن، داخل مباني مركز سايبر ڤالي. تقول رايش: "لقد أدركنا أن التعاونَ الحيويَّ في العلوم وحده هو الذي سيحقق تقدُّمًا ممتازًا في أبحاث الذكاء الاصطناعيَّ. ولهذا قررنا التواصل بشكلٍ أوثق مع مراكز أخرى في أوروبا. ومن هنا نشأ المختبرُ الأوروبيُّ للتعلُّم والأنظمة الذكية." بفضل المعهد الكامن داخل حرم الابتكار في توبنغن، يضع مركز سايبر ڤالي نفسه في المنافسة العالمية ليس فقط بصفته مركزًا للتميُّز العلميّ، ولكن أيضًا بصفته موقعًا جذّابًا للأبحاث الدولية الرائدة.
غير أن الابتكارات لا تنشأ من دون دعمٍ وتمويل. لذلك يعمد مركز سايبر ڤالي إلى تمويل المشروعات البحثية والشركات الناشئة بموارد شركائه. توضِّح رايش: "لدينا صندوق أبحاث سايبر ڤالي، يمكن أن تتقدَّم إليه المشروعاتُ البحثية". ومن خلال حاضنة الذكاء الاصطناعيّ، يوفِّر مركزُ سايبر ڤالي أيضًا للمهتمين ببدء عمل تجاري إمكانيةَ اكتساب المعرفة المتخصصة من أجل تحويل أفكارهم إلى منتجات وخدمات قابلة للتنفيذ داخل السوق.
تقول رايش: "أتمنى أن نُشكِّل مستقبلاً لا نستهلك فيه ما يُنتَج في بلدانٍ أخرى فحسب، بل نُصمِّم فيه المنتجات بأنفسنا ونكيّفها لتلّبي احتياجاتنا". وألمانيا هي المكان المثالي لتحقيق ذلك الأمر، حسب قولها. "نحن نستند إلى تاريخٍ حافل وطويلٍ للغاية من رواد الأعمال. نتعمدُ على مئاتِ السنين مع علاماتٍ تجارية قوية ترجع أصولُها إلى هنا". ومن ثم، تعتزم سايبر ڤالي إعادة إحياء هذا الإرث من خلال جيلٍ جديد من المُؤسِّسين من مجتمع الذكاء الاصطناعيّ الدوليّ للغاية في سايبر ڤالي.