شراكات من أجل التحول المناخي
في مسار البحث عن شركاء في مجال الطاقة تتعاون ألمانيا مع بلدان الشرق الأوسط، وبشكل رئيسي فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة.
العمل معا من أجل دفع تحول الطاقة العالمي ونزع فتيل المنافسة على الموارد: هذه هي أهداف شراكات الطاقة التي تقيمها الحكومة الألمانية الآن مع ما يزيد عن 20 شريكا في العالم. وتنصب إحدى نقاط التركيز على رفع كفاءة الطاقة وعلى مصادر الطاقة المتجددة، وذلك من خلال تقديم حوافز للاستثمار للشركات الألمانية على سبيل المثال.
بسبب الحرب الأوكرانية باتت مثل هذه الشراكات أكثر أهمية من ذي قبل. ففي الختام يدور الأمر حول التخلص من تبعية سياسة الطاقة لروسيا في أسرع وقت ممكن. حتى ما قبل فترة وجيزة كانت ألمانيا تغطي 55 في المائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من خلال الاستيراد من روسيا. لهذا السبب يجري البحث حثيثا على المستوى الألماني والأوروبي عن بدائل مناسبة. من ناحية لتفادي نقص الطاقة وسد الثغرات الحالية في الإمداد بالطاقة. ومن ناحية أخرى سعيا إلى توحيد الجهود من أجل التخلص من مصادر الطاقة الأحفورية في أسرع وقت ممكن.
في هذا السياق تظهر بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل خاص، وهي التي تتمتع بموارد خصبة جدا على صعيد مصادر الطاقة الأحفورية، وذلك من أجل تغطية العجز وسد الثغرات التي تهدد استمرارية الإمداد على المدى المتوسط. إضافة إلى ذلك تبذل كثير من هذه البلدان الجهود للتخلص من اعتمادها على الفحم والنفط والغاز، وذلك من خلال التوسع في اعتماد مصادر الطاقة المتجددة والبديلة، بالتعاون مع ألمانيا وبدعم منها.
قطر
عندما يدور الأمر حول الغاز المسيل (LNG) تعتبر قطر واحدا من أول العناوين التي تتوجه إليها ألمانيا كبديل قصير الأجل لتجاوز الاختناقات في إمدادات الغاز الروسية. في 2020 كانت هذه الإمارة الواقعة في الخليج العربي ثاني أكبر مُصَدّر للغاز المسيل في العالم بواقع 106,1 مليار متر مكعب، وبِحِصّة 21,7 في المائة من إجمالي الصادرات العالمية. وهي تنوي زيادة إنتاجها حتى 2027 ليصل إلى 174 مليار متر مكعب. بعد بدء العدوان الروسي على أوكرانيا بشهر واحد فقط توجه وزير الاقتصاد الألماني الاتحادي روبرت هابيك إلى قطر، للاتفاق على شراكة طويلة الأمد على صعيد الطاقة بين ألمانيا وقطر. كما تناولت الزيارة أيضا مسألة التعاون في الاتجار بالغاز المسيل. ومازال من غير الواضح إمكانية التعاون والمساعدة في هذا المجال. فالجزء الأكبر من إنتاج الغاز المسيل مرتبط بسلسلة من العقود على المدى الطويل، غالبيتها مع بلدان آسيوية، مثل الصين واليابان.
علاوة على ذلك من المفترض أن يشتمل تعاون الطاقة أيضا التوسع في اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، ورفع كفاءة الطاقة وتطوير سوق الطاقة الكهربائية وتوسيع الشبكات، إضافة إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر والاتجار به. الهيدروجين الأخضر، الذي يتم إنتاجه بالاستعانة بالطاقة المتجددة، يعتبر عنصرا أساسيا في الطريق نحو اقتصاد الطاقة المستدام. وباعتباره حامل الطاقة الثانوي سوف يجعل من الممكن إنتاج الطاقة الكهربائية الخضراء بعيدا عن تأثيرات الطقس والمناخ. بهذا يمكن أن تتدفق الطاقة المولدة من محطات الطاقة الشمسية ومحطات طاقة الرياح، وبشكل خاص في البلدان الغنية بالشمس والريح، في البداية نحو إنتاج الغاز. ويمكن نقل الهيدروجين الأخضر كأحد حوامل الطاقة عبر الأنابيب. على هذا الصعيد، يمكن لقطر كدولة صحراوية تتمتع بالكثير من الأيام المشمسة والشريط الساحلي الطويل أن تلعب دورا مهما.
الإمارات العربية المتحدة (UAE)
تعود شراكة الطاقة مع الإمارات العربية المتحدة إلى العام 2017، ومنذ نهاية 2021 يعمل فريق عمل إماراتي-ألماني على إنتاج الهيدروجين والوقود الصناعي. بهذا تسعى ألمانيا إلى تعزيز علاقات التعاون مع هذه الدولة الخليجية في مجالات البحث العلمي والإنتاج. في أيار/مايو 2021 تم في دبي افتتاح أول مشروع أخضر للتحليل الكهربائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) بالتعاون بين شركة سيمنز للطاقة وهيئة الكهرباء والمياه في دبي (DEWA). في الصيف زار وزير الاقتصاد الألماني الاتحادي روبرت هابيك الإمارات للتوقيع على اتفاقية أخرى لسلسلة النقل والإمداد تتعلق بهذا الحامل للطاقة. ومن المتوقع إنجاز أول شحنة من الغاز حتى نهاية 2022، حسبما ورد عن وزارة الاقتصاد الاتحادية في معرض هذه الزيارة.
هذا يشتمل أيضا على النية لإنتاج الكيروسين الصناعي من أجل الطائرات. "الصقر الأخضر" أو (Green Falcon) هو اسم المشروع المتعلق بهذا الأمر، والذي تتشارك فيه كل من سيمنز للطاقة وشركة الطيران لوفتهانزا وشركة "مصدر" الإماراتية. ينطلق المشروع مع محطة أولية تضم محلل كهربائي بطاقة 20 ميغا واط، على أن تتم توسعته في المستقبل. الشركات الألمانية أونيبير وهايدروجينيوس اتفقت مع شركة النفط الوطنية في أبوظبي (ADNOC) على مشروع لبناء سلسلة نقل وإمداد الهيدروجين الأخضر، من أبوظبي حتى فيلهيلمسهافن. لهذه الغاية تشارك أيضا LOHC للتقنيات التي تواكب وتشارك في التطورات الهيدروجينية. الهيدروجين الذي يصعب نقله في صورته النقية يتم خلطه مع مادة لزجة، شبيهة بالزيت، حيث يمكن نقله في هذه الحال ضمن صهاريج إلى ألمانيا.