"تعلَّمتُ تحمُّلَ المسؤولية"
نزح ريان الشبل من سوريا إلى ألمانيا في العام 2015. وفي العام 2023 أصبح عمدة بلدةٍ صغيرة في بادن-فورتمبيرغ.
هرب ريان الشبل في العام 2015 من ويلات الحرب الأهلية في سوريا، ليمر بلبنان وتركيا واليونان، ويحط الرحالَ في ألمانيا. وفي مطلع أبريل/نيسان 2023 اُنتخب عمدةً لبلدية أوستلسهايم في بادن-فورتمبيرغ، والتي تضم حوالي 2800 نسمة تقريبًا.
سيد الشبل، بماذا شعرت عندما علمتَ بانتخابك لشغل منصب العمدة؟
لم أتبيَّن أنني أصبحتُ عمدةً حقًا إلا في الأيام التي تلت الانتخابات، حيثُ أغرقتني التهاني وطلباتُ إجراء الحوارات الصحفية. تخيَّلتُ أن بمقدوري الاستمتاع باستراحةٍ لمرةٍ واحدة بعد المعركة الانتخابية، ولكنني لم أحظَ بفسحةٍ واحدة من الراحة منذُ الانتخابات.
لقد تناقلت الصحفُ العالميةُ خبرَ انتخابِك. هل توقَّعتَ مثلَ هذا الضجيج الإعلاميّ؟
لم أتوقَّع لا أنا ولا المقربَّون مني هذا الضجيج الإعلاميّ العالميّ. لقد تخيَّلنا أن وسائلَ الإعلام قد تهتم بالموضوع في حالة الانتصار في الانتخابات، ولكن ذلك سيكون على صعيدٍ محليّ، داخل حدود بادن-فورتمبيرغ. ولكن لم تكد أمسيةُ انتخابي لذلك المنصب تنتهي، حتى تلقيتُ ما يزيد عن 60 طلب لإجراء حواراتٍ صحفية من وسائل الإعلام على مستوى العالم، وبنهاية الأسبوع فاق عددُها المئة.
تعيَّن عليك النزوحُ من سوريا في عمر 21 عامًا. كيف بدت حياتُك حتى ذلك الحين؟
عشتُ في سوريا رفقة والديّ، وكنتُ معتمدًا عليهما ماليًا. لم أحمل مسؤوليةً كبيرة، ولم يكن لزامًا عليّ اتخاذُ قراراتٍ مصيريةٍ في الحياة. لم يتعيَّن عليّ أن أفكر بشأن ما قد يجلبه المستقبل، وكنتُ أشغل بالي بمسائل الحياة اليومية، من قبيل تنظيم الأمسيات مع أصدقائي. ثم اندلعت الحرب، وفجأةً لم يعد لي من أفقٍ في بلادي.
وكيف سارت الأمورُ بعد ذلك؟
أراد كثيرٌ من أصدقائي مغادرةَ سوريا، وإلا كانوا سيُقتَادون إلى التجنيد الإجباريّ. لم يرد أحدٌ أن يقحمه النظامُ في أتون حربٍ لا ناقة من ورائها ولا جمل. وتمثَّلت الإمكانيةُ الوحيدةُ حينئذٍ في الهرب. كان ذلك عسيرًا للغاية على والديّ. كان عليهما أن يتقبلا إرسالَ ابنهما في رحلةٍ قد تنتهي بالموت. وقد علما في الوقت نفسه بطبيعة الحال أن ما من خيارٍ ثانٍ أمامي.
كيَّف غيَّرك النزوح؟
لقد تغيَّرت شخصيتي مع تجربة النزوح. تعلَّمتُ تحمُّلَ المسؤولية، عن نفسي وعن الآخرين كذلك.
كيف تدبَّرت حياتَك في الأشهر الأولى في ألمانيا وماذا كانت أكبر التحديات أمامك؟
كانت الأشهرُ الأولى بالنسبة لي هي الأمتع على الإطلاق، لأنني كنتُ أكتشفُ شيئًا جديدًا كل يوم. ومن جهةٍ أخرى كنتُ أعيشُ من دون خصوصية. عشتُ بدايةً في مسكنٍ جماعيّ، ثم وُزِّعتُ بعد ذلك على مسكنٍ مشترك. مكثتُ هنالك عدة أشهرٍ في حجرةٍ مع ستة أشخاصٍ آخرين.
لماذا شرعتَ في الاشتغال بالسياسة؟
كان الاهتمامُ بالسياسة موجودًا وحاضرًا بالأساس. أعتقد أنه عندما يشتغل المرءُ بسياسة بلدٍ ما، يتعلَّم كذلك بعضَ الأشياء عن البلد نفسه. تقدَّمتُ في العام 2016 بطلبٍ للحصول على تدريب داخلي في الإدارة المحلية، ثم للحصول على فرصة تأهيل مهني كموظف إداري مختص. لم يكن الأمرُ بهذه السهولة في البداية. اقترح رئيسي بدايةً أن أخوض تأهيلاً مهنيًا حرفيًا، لأن لغتي الألمانية لم تكن جيدةً للغاية. لحسن الحظ، لم أكن موهوبًا على الإطلاق فيما يتعلَّق بالعمل الحرفيّ اليدويّ، وأقنعته أنني أتدبرُ أموري في الإدارة على الرغم من حاجز اللغة.
لماذا قررتَ الترشُّحَ لمنصب العمدة؟
قد يبدو ذلك غريبًا بعض الشيء في البداية، لكنني ليست لديّ موهبةٌ واضحةٌ في أيِّ موضوع، لذلك أستهدفُ التنوُّعَ. وهذه صفةٌ لا غني للمرء عنها في منصب العمدة. القائمون بأعمال العمدة ليسوا متخصصين، لكن يتعين عليهم التوسُّط بين السياسيين والمواطنين.