"المجتمع الدولي على أعتاب التحول"
مندوبة ألمانيا الدائمة لدى منظمة الأمم المتحدة، أنتية ليندرتسة تتحدث عن المهمات المحورية لمنظمة الأمم المتحدة.
سيادة السفيرة ليندرتسة، ما هي قضايا الأمم المتحدة التي تتمتع بأهمية خاصة بالنسبة لألمانيا، وما هي المسائل التي تسعى للدفع نحوها بشكل خاص؟
ماتزال ألمانيا إحدى ركائز الأمم المتحدة. هذه رسالتنا، وهذه بوصلتنا. لا مناص من كون الأمم المتحدة قادرة على العمل والتحرك ومواجهة التحديات الرئيسية وإيجاد الحلول. مع الأسف يواجه المجتمع الدولي حاليا عددا من التغيرات: حيث الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا التي تنتهك بشكل صارخ شرعة الأمم المتحدة، التي تنص على حظر اللجوء إلى العنف. جائحة كوفيد 19 مازالت - رغم كل التطور - تشكل تهديدا للصحة العالمية. وفي كل مكان من العالم تلوح في الأفق الغيوم السوداء الناجمة عن أزمة المناخ. التهديد الذي يواجه الكثيرين في فقدان أسس الحياة، وخاصة ملايين، بل مليارات الناس الذين يعانون، بشكل خاص في المناطق الفقيرة من العالم. الغذاء وكذلك الطاقة يتحولان هناك إلى سلع كمالية، وأزمات الغذاء أصبحت واقعا مخيفا في تلك المناطق. من الواجب علينا إذا التعامل مع موضوعات ملحة ومتفاقمة، ولدينا منها ما يكفي بالتأكيد.
ما هو مستقبل المطالب الألمانية المنادية بتعدد الأقطاب في عالم يعود من جديد إلى مرحلة من الانقسامات.
لا أريد التبرير أو الدفاع عن "التقسيم الجدد"، حيث أن الجزء الأكبر من المشكلات التي ذكرتها للتو باختصار، تواجه الإنسانية ككل. وما يزيد الأمور سوءا هو قيام روسيا ضمن هذه الأوضاع بشن حرب إمبريالية جديدة، تقود إلى ندرة الموارد. ولكن انظر إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي رفضت بغالبية الثلثين هذه الحرب وأدانتها. الحفاظ على هذه الوحدة يشكل مهمة محورية. عندما تخرق بعض القوى القليلة مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والنظام القائم عليها، فإن المنظمة الدولية تكون بحاجة إلى دعمنا ومساعدتنا، أكثر من أي وقت مضى.
هل من الضروري أيضا إجراء إصلاحات؟
لا شك أن هذا النظام مازال بعيدا عن الكمال، بل إنه عبارة عن ورشة عمل دائمة. ولعل الاختلالات الأكثر وضوحا هي تلك المتعلقة بوظائف ونظام مجلس الأمن، الذي يواجه حق النقض "الفيتو" في القرارات الحاسمة والمهمة، والذي لا تعكس تركيبته الحالية واقع العالم الآن. ألمانيا تبذل المجهود مع العديد من الشركاء، سواء ضمن إطار الاتحاد الأوروبي أو مع اليابان والهند والبرازيل، من أجل تحديث وتطوير هذا النظام. ولكن هذا الأمر غير ممكن بين عشية وضحاها، وإنما يتطلب منا صبرا طويلا وخطوات عديدة في الاتجاه الصحيح.
هل هناك قضايا هامة يتم تهميشها بسبب التطورات الحالية؟ وكيف تتعامل ألمانيا مع هذا الأمر؟
النداء مرتفع ومسموع: لا تحصروا التركيز على مسرح الأحداث والحرب في أوروبا فقط. هذا التخوف القادم من الشركاء في الجنوب العالمي يحظى باهتمامنا بكل جدية. معيار مصداقيتنا في هذا الأمر يرتبط بعدة عوامل، منها الاستعداد للمشاركة في تكاليف التكيف مع التحول المناخي في مختلف أنحاء العالم، وكذلك المحافظة على شراكات الطاقة المستدامة، وجهودنا في مجال الصحة والعدالة والإنصاف على صعيد اللقاحات، إضافة إلى المساعدات الإنسانية الطارئة والمشاركة الفعالة في تجنب الأزمات وتخفيف حدتها.
أنت أول سيدة تمثل ألمانيا في منظمة الأمم المتحدة في نيويورك. هل هذه أيضا إشارة لتطورات جديدة؟
إن طرحك لهذا السؤال ربما يكون بحد ذاته إشارة إلى أنه مازال أمامنا الكثير مما يجب تحقيقه على صعيد المساواة والعدالة بين الجنسين، رغم كل التطورات والإنجازات التي تمت على هذا الصعيد. على أية حال أنا سعيدة لأرى كم من السيدات القويات يمثلن بلدانهن لدى منظمة الأمم المتحدة. ناهيك عن العدد الكبير من زملائي الذكور الذين لا يترددون في الدفاع عن حقوق المرأة والمناداة بمساواتها مع الرجل. إن قيام الحكومة الألمانية الاتحادية بالعمل على تعزيز السياسة الخارجية النسائية بكل جهد وإصرار يجعل منا أيضا إحدى القوى التقدمية والسباقة المطلوبة في نيويورك.