معا في مواجهة الأزمات
من خلال العديد من المشروعات تساهم ألمانيا بشكل كبير في إحلال الاستقرار وتقديم المساعدات الإنسانية في مناطق النزاعات.
يورغن كونل، نائب المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) في نيجيريا يتذكر بكل حماس وشوق يوم الثامن من أيار/مايو 2018. حينها أقيم في مايدوغوري في شمال شرق البلاد، التي كانت قلعة ميليشيات بوكو حرام الإرهابية، أول منتدى للحكام. فكرة برنامج UNDP من وراء تنظيم هذا اللقاء كانت جمع كافة اللاعبين السياسيين الفاعلين في المنطقة إلى طاولة واحدة، وإتاحة الفرصة للحوار والتبادل فيما بينهم. "لقد كان شيئا رائعا حقا، تنظيم أول مؤتمر من هذا النوع في المنطقة"، حسب الدبلوماسي الألماني.
كان اللقاء مميزا لعدة أسباب. فقد شاركت فيه أربع دول دفعة واحدة، فإلى جانب نيجيريا كانت كل من الكاميرون والنيجر وتشاد حاضرة، وهي جميعا من البلدان المجاورة لواحدة من المناطق الأقل استقرارا سياسيا في العالم: حوض بحيرة تشاد. بالإضافة إلى ذلك ضم الحضور ممثلين رفيعي المستوى عن المجتمع الدولي جاؤوا خصيصا لمرافقة هذا المنتدى، وذلك رغم الأوضاع الأمنية المعقدة. "كنا نريد إرسال رسالة سياسية قوية وواضحة، والتأكيد على أننا نريد بالفعل دعم المنطقة، وبكل جدية"، حسب كونل.
منتدى الحكام الذي ينعقد سنويا منذ ذلك التاريخ، هو جزء من مشروع واسع لبرنامج UNDP يهدف إلى نشر وترسيخ الاستقرار في حوض بحيرة تشاد، والذي تدعمه وزارة الخارجية الألمانية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2017. ومن المفترض أن يسهم المشروع في حل الأزمة ونشر السلام في المنطقة. "وجوب العمل بالتوازي وبشكل مترابط على تقديم المساعدات الإنسانية ودعم خطوات نشر وتعزيز السلام والعمل في مجال التنمية كان من الموضوعات التي تم إقرارها نظريا في 2016، خلال القمة العالمية الإنسانية. وما فعلناه الآن كان التطبيق العملي"، حسب كونل.
الاستقرار في الطريق نحو السلام
إلى جانب تنظيم المنتديات السياسية الإقليمية يسعى مشروع برنامج UNDP إلى اتخاذ إجراءات من أجل ضمان الخدمات الأساسية للبلديات والهيئات المحلية في شمال شرق نيجيريا، وإلى إعادة دمج المقاتلين السابقين لبوكو حرام في المجتمع. "كل هذه الأمور في غاية الصعوبة، إلا أننا على قناعة من أنها في غاية الأهمية أيضا، إذا ما أردنا مساعدة المنطقة للنهوض مجددا على المدى المتوسط والمدى البعيد"، يقول كونل. ويضيف أن المسألة هي منح الناس الشعور بالأمان والاستقرار. كما أن المستهدف الأساسي هو جيل الشباب الذين فقدوا كل أمل في المستقبل، وهو ما دفعهم للالتحاق بالعديد من المجموعات المسلحة، سواء كانت بوكو حرام أو تلك التي تدافع عن السكان، والتي تألفت خلال فترة النزاعات والحروب. "لقد انطلقنا وحيدين طيلة ستة أشهر من بلدة إلى أخرى، وسألنا الناس: ما الذي يجب أن يحدث كي تستطيعوا استعادة وإدماج المذنبين والخاطئين؟"
المشكلات في حوض بحيرة تشاد شديدة التعقيد، المواجهة مع مجموعة بوكو حرام الإرهابية أودت منذ العام 2009 بحياة 25000 مدني على الأقل، كما تشرد ما يزيد عن مليوني إنسان، وحاليا يواجه حوالي 3,6 مليون خطر المجاعة. ناهيك عن أن النمو السكاني الذي يتخذ طابعا انفجاريا يزيد من ندرة الموارد.
ويؤكد كونل أن المهم في الجهود الرامية إلى نشر الاستقرار في البلد كان استعداد وزارة الخارجية الألمانية للدفع باتجاه تصور متكامل وتطوير برنامج يرتبط بشكل واضح مع الفكرة السياسية. "عندما لاحظنا في المرحلة الأولية مطلع 2017 أننا لن نتمكن من إنجاز المهمة منفردين، بدأنا الحوار مع عدد من الشركاء. كثيرون منهم كانوا متشائمين حول ما إذا كانت مناطق حوض بحيرة تشاد، في ظل نكبات النزاعات والحاجة إلى المساعدات الإنسانية تتوفر فيها بالفعل الشروط الأساسية التي يمكن أن تقود إلى تحقيق نتائج إيجابية للمشروع الهادف إلى البناء السياسي وإلى التنمية. لهذا اتخذت وزارة الخارجية الألمانية زمام المبادرة، وأطلقت المشروع السياسي مباشرة".
"السياسة الخارجية مع الوسائل"
بالنسبة لإيكهارد بروسة يشكل هذا النوع من ردود الأفعال تأكيدا جميلا على أن وزارة الخارجية الألمانية تسير بجهودها الدولية على الطريق الصحيحة. بروسة هو مفوض الوقاية من النزاعات ونشر الاستقرار، في القسم الذي تأسس في وزارة الخارجية الألمانية في العام 2015 للوقاية من الأزمات ونشر الاستقرار ومعالجة آثار النزاعات وتقديم المساعدات الإنسانية. يقول بروسة: "لقد برزت فكرة إعادة تعريف وصياغة جهود وأهداف السياسة الخارجية في مناطق النزاعات". ويضيف أن السياسة الخارجية الحديثة تعني أكثر من مجرد الدبلوماسية الكلاسيكية. "وبشكل خاص في الأزمات يغدو مهما تعزيز الأهداف السياسية من خلال الآليات المناسبة، على سبيل المثال في دعم سلطة القانون والدولة أو الوساطة أو إصلاح القطاع الأمني أو معالجة الماضي. من أجل هذا تم تطوير مصطلح (السياسة الخارجية مع الأدوات): "ولأجل هذا قمنا بجمع العاملين والأدوات والإمكانات معا"، حسب بروسة. السياسة في ظل الأزمات تتطلب عملا متشابكا مترابطا: وحسبما تقتضي الحاجة، يجب تنسيق الإجراءات الدبلوماسية والتنموية والسياسات الأمنية بشكل مرن، ومواءمتها مع بعضها البعض، كي يمكن توظيفها بالشكل الصحيح.
في البداية كان من بين الموضوعات المركزية تحديد وشرح مصطلح الاستقرار. بالنسبة لوزارة الخارجية الألمانية كانت التجارب في أفغانستان والعراق بشكل خاص في غاية الأهمية. بروسة كان في العراق من 2014 حتى 2016 كسفير لألمانيا. "عملنا هناك بشكل وثيق مع UNDP وهو ما ساعد بالتأكيد على نجاح التعاون في حوض بحيرة تشاد منذ البداية". الاستقرار، حسبما ورد في المبادئ التوجيهية للحكومة الألمانية الاتحادية الصادرة في تشرين الأول/أكتوبر 2017 يعني الجهود الرامية إلى التعامل مع النزاعات العنيفة، والتي تعتمد مشروعات سياسية لفض هذه النزاعات.
مثال آخر على التعريف الجديد للجهود الألمانية في موضوعات نشر وتعزيز الاستقرار يتجلى من خلال التعاون مع المنظمة البريطانية غير الحكومية "موارد المصالحة" (CR). تعمل منظمة CR بشكل مشابه لعمل UNDP على إجراءات بناء ونشر السلام في شمال شرق نيجيريا. منذ سنوات تقوم المنظمة ببناء ما يسمى منتديات الشباب للسلام (YPP)، بغية الوصول إلى أولئك القابعين في وسط الأزمة والنزاع، وفق تحليلاتها: جيل الشباب. "من يريد التوصل إلى معالجة وتجنب الأزمات في المنطقة بشكل صحيح وفعال، يجب عليه الاهتمام بجيل الشباب"، حسب جانيت آدم محمد، مديرة برنامج CR في غرب أفريقيا. "إنهم أصحاب المعاناة الأكبر".
الوقاية من الأزمات في نيجيريا
منتديات YYPs عبارة عن منتديات لقاء لجيل الشباب، يجدون فيها بداية الحماية والأمان، وفي الخطوة التالية ينالون الدعم والمساعدة من أجل إعادة الانتظام والأمل لحياتهم اليومية. "إحدى المشكلات الجوهرية في مناطق حوض بحيرة تشاد هي فشل البنى الحكومية"، حسب محمد. "نعتقد أنه من أجل تجنب الأزمات والنزاعات على المدى البعيد، لابد من منح الناس الشعور بسيادة الدولة والقانون وإتاحة الفرصة للمشاركة السياسية". وزارة الخارجية الألمانية تدعم هذه الخطوات ومثيلاتها من منتديات الحوار، ضمن إطار مشروع نشر الاستقرار، بحيث تتجلى فوائد التعايش السلمي والحوار بالنسبة للسكان على شكل ما يسمى "مكاسب السلام".
ولا تكتفي وزارة الخارجية الألمانية بدعم هذه المشروعات ماليا فقط، وإنما تسعى أيضا، وضمن إطار مؤتمرات رفيعة المستوى إلى تجميع الجهود المتعددة الأطراف، وتنسيق المساهمات المبذولة على المستوى الدولي. في تشرين الأول/أكتوبر 2018 انعقد في برلين مؤتمر بحيرة تشاد، الذي تمكن من جمع الأطراف الفاعلين المُهمّين إلى طاولة واحدة.
المناخ والأمن
الظواهر المناخية الصعبة وغيرها من عواقب تغير المناخ يمكنها أن تهدد السلام. ويتوضح في منطقة بحيرة تشاد كيف أن تحول المناخ الذي يتسبب به الإنسان لا يشكل مجرد ظاهرة بيئية فقط، وإنما يتحول إلى تهديد كبير للأمن والسلام في القرن الواحد والعشرين. الظواهر المناخية الصعبة التي تزداد تكرارا وصعوبة تؤثر باستمرار على أسس الحياة بالنسبة للناس في المنطقة. الشكوك وحالات عدم الثقة في مواسم الأمطار ومواعيد الجفاف المتوقعة تزيد من الضغوط على عملية التأقلم، وهو ما ينعكس مزيدا من البؤس وصعوبة الحياة للسكان.
في مناطق بحيرة تشاد يعتمد ما يصل إلى 90 في المائة من السكان على الزراعة أو تربية المواشي. النزاع العسكري مع بوكو حرام يقيد من الحركة وإمكانية الوصول إلى المناطق الزراعية الخصبة. "وعندما يأتي إلى جانب كل هذا أيضا عدم الثقة بمواعيد المطر ومواسم الحصاد، فإن الأمور تتجاوز حدود الاحتمال بالنسبة للناس"، حسب جناني فيفيكانادا. وهي مديرة مشروع لدى مركز برلين للأفكار "أديلفي"، الذي تقوم وزارة الخارجية الألمانية بالتعاون معه في دراسة آثار تحول المناخ في حوض بحيرة تشاد بشكل متعمق. وضمن إطار المشروع المستمر حتى 2020 "تقدير المخاطر في بحيرة تشاد" يتم تحديد مخاطر هشاشة المناخ، وعرض خيارات العمل. بالإضافة إلى ذلك تستغل ألمانيا على المستوى الدولي تواجدها في مجلس الأمن الدولي خلال 2019-2020 أيضا من أجل إثارة المزيد من الانتباه في منظمة الأمم المتحدة على التبعات السياسية الأمنية الناجمة عن تحول المناخ، والدفع نحو تعزيز إمكانات وخيارات العمل.
نزع الألغام في العديد من البلدان
المفهوم الجديد لإدارة الأزمات منح أنشطة السياسة الخارجية الألمانية مزيدا من المصداقية. في ذات الوقت تمت توسعة مجال جهود وزارة الخارجية الألمانية. "مثال جيد على هذا يتجسد من خلال جهودنا في نزع الألغام في العراق"، يقول إيكهارد بروسة. علما بأن الموضوع يتجاوز مجرد العمل الإنساني: "المسألة هي نشر الاستقرار مع هدف سياسي واضح: مساعدة الحكومة العراقية".
حوالي عشر منظمات مدعومة من ألمانيا تنشط في العديد من البلدان من أجل أن يتمكن في النهاية أولئك المهجرون من ديارهم بسبب الحروب والنزاعات المسلحة من العودة إلى أوطانهم. على صعيد نزع الألغام كانت ألمانيا منذ 2017 ثاني أكبر المساهمين والمانحين.
في أوكرانيا تدعم وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية منظمة هالو ترست "HALO Trust". هذا البلد الأوروبي بات اليوم ينتمي إلى أكثر بلدان العالم مواجهة لأزمة الألغام ومخلفات الحروب. في العراق تدعم ألمانيا أيضا المؤسسات الناشطة في المناطق المحررة من سلطة "داعش"، مثل جهاز نزع الألغام التابع لمنظمة الأمم المتحدة UNMAS ومنظمة هانديكاب إنترناشونال. حيث خلف تنظيم "داعش" هنا مدنا ومناطق غارقة في الألغام. في الفلوجة والرمادي والموصل تم العثور على الألغام في الثلاجات وألعاب الأطفال، وفي مفاتيح الإنارة وعند عتبات الأبواب. وتركز هانديكاب إنترناشونال جهودها بشكل خاص على التخلص من هذه المتفجرات المصنوعة ذاتيا. "في العراق تمكن حتى الآن جزء كبير من المُهَجّرين والنازحين من العودة إلى قراهم وبلداتهم. وهذا لم يكن ممكنا بدون برامج نزع الألغام"، حسب تأكيد بروسة.
مساعدات إنسانية في الشرق الأوسط
بذات الأهمية التي تحظى بها مسألة تعزيز مفهوم الاستقرار في مشروعات إدارة الأزمات، فإن ألمانيا مازالت تهتم بمسألة المساعدات الإنسانية، وهي تقع منذ أكثر من 50 عاما ضمن مسؤوليات وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية. "تختلف المساعدات الإنسانية من حيث المبدأ عن نشر الاستقرار. هنا تتم تغطية حاجات محددة لدى الناس، بشكل حيادي تماما، ودون أية أهداف سياسية"، يؤكد بروسة.
ضمن هذا المفهوم فإن ألمانيا تنشط حاليا بشكل خاص في البلدان المجاورة لسورية، التي وصلت إلى أقصى حدود تحملها بسبب استقبالها موجات كبيرة النازحين الهاربين من الحرب الأهلية. في لبنان قامت منظمة المساعدات "مالتيزر إنترناشونال" وبدعم مالي من وزارة الخارجية الألمانية بتنفيذ مشروع مراكز صحية متنقلة لتقديم الخدمات الطبية للمواطنين. منذ عدة سنوات تجوب باصات تم تعديلها إلى عيادات متنقلة بين القرى التي تعاني نقصا حادا في الخدمات الطبية. جانين ليتماير، مديرة مجموعة الشرق الأوسط في مؤسسة مالتيزر إنترناشونال هي إحدى المسؤولين عن المشروع، وهي تؤكد: "على الرغم من أننا نعمل منذ فترة طويلة في سورية التي تعاني أزمة عصيبة، فإن ما نفعله مازال حتى الآن ضروريا لإنقاذ الكثير من الأرواح. أي أنه مساعدات إنسانية بالمفهوم الكلاسيكي".
بالنسبة لتوماس روتلاند، المسؤول عن البرامج في الأردن لدى مؤسسة كير دويتشلاند، فإن المسألة ليست فقط مجرد تقديم المساعدات لضمان الخدمات الأساسية للناس، وإنما أيضا من أجل حماية أولئك الأكثر تعرضا للمخاطر، مثل الأطفال أو النساء المربيات الوحيدات بدون رجل. الفكرة هي توفير المعلومات الضرورية المناسبة عن إمكانات المساعدة التالية، وتقديم المساعدة النفسية الاجتماعية والمساعدات المالية اللازمة التي تضمن ذهاب الأولاد إلى المدارس، إلى غالبية اللاجئين السوريين الذين لا يعيشون - على عكس ما هو شائع لدى الرأي العام - في معسكرات اللجوء، وإنما ينتشرون نسبيا بين المناطق الحضرية والتجمعات السكانية في البلاد.
وبشكل مشابه يرى الأمور أيضا ميشائيل فريشموت من مؤسسة دياكوني للإغاثة عند الكوارث. وهو يقوم بتنسيق مشروع لضمان الأمن الغذائي للاجئين السوريين في لبنان، بدعم من ألمانيا. "ضمن إطار المساعدات الإنسانية لم نعد منذ زمن بعيد نتحدث فقط توزيع طرود المساعدات". وهذا يعود بشكل أساسي إلى تزايد تعقيدات الأزمات وتداخلاتها. "نريد أن نجعل الناس قادرين على تأمين معيشتهم بأنفسهم".
وكما هي الحال لدى كير، هي أيضا في مشروع دياكوني في الأردن، الذي لا يتوجه إلى الناس في معسكرات اللجوء، وإنما إلى الذين يعيشون في المناطق الحضرية في مساكن بسيطة أو مؤقتة، أو بشكل غير قانوني في الحقول. "نقدم مطابخ جوالة كما نقدم مواد غذائية يستخدمها اللاجئون في طبخ وتحضير وجباتهم بأنفسهم. هكذا نتيح للناس فرصة تحقيق دخل متواضع، كما نغطي في ذات الوقت احتياجاتهم الغذائية اليومية".
إذا ما أراد المرء استبيان جوهر الإدارة الألمانية للأزمات، فإن إيكهارد بروسة يراه في مفهوم تحمل المسؤولية. "إنه جزء من شعورنا بالمسؤولية الدولية. من خلال إدارة حديثة للأزمات تهدف إلى طي النزاعات وإنهاء الخلافات وتجنب نشوبها، كما تسعى في ذات الوقت إلى تقديم المساعدات الإنسانية إلى كل من لا يقدر على مساعدة نفسه، ولا يحصل على مساعدات من جهة أخرى. وهذا يتطلب تعاون وتنسيق مختلف القوى والفاعلين في مشروع متعدد الجهات. هكذا فقط يمكننا مواجهة التحديات بفعالية وجدوى".
You would like to receive regular information about Germany? Subscribe here: