"أوروبا هي قارة الأفكار"
الوزيرة الاتحادية يوهانا فرانكا تتحدث عن مجال البحث العلمي الأوروبي وعن برامج "آفاق 2020" و"إراسموس+"

السيدة الوزيرة، كانت ألمانيا أول عضو في الاتحاد الأوروبي يضع استراتيجيته الخاصة لتنظيم وتوسيع مجال البحث العلمي في أوروبا. ما هي الأهداف الأهم لهذه الاستراتيجية؟
تتمتع أوروبا بأهمية كبيرة بالنسبة لألمانيا كموقع متميز للبحث العلمي، حيث أن العمل الأوروبي المشترك الذي يتيح مجالا جذابا قويا مشتركا للبحث العلمي، هو وحده القادر على مساعدتنا في مواكبة ومواجهة مناطق العالم الأخرى القوية والمتميزة في مجالات البحث العلمي في المستقبل. استراتيجية الحكومة الألمانية الاتحادية حول مجال البحث العلمي في أوروبا، التي أقرتها الحكومة في منتصف تموز/يوليو حددت هدفها الأساسي في تعميق مجالات البحث العلمي الأوروبية ودفعها نحو الأمام بشكل فعال. بهذا سوف نقوم في المستقبل على سبيل المثال بالبحث في موضوعات تهم أوروبا والعالم بشكل أكبر، منها شيخوخة السكان والأمراض التنكسية العصبية، مثل مرض "الزهايمر"، وموضوعات تحّول المناخ أو مسائل متعلقة بالتغذية الصحية، وذلك من خلال برامج شاملة للبحث العلمي تتجاوز حدود البلدان، أي ما يسمى "مبادرات البرامج المشتركة". وتضم الاستراتيجية أيضا تأسيس بنية تحتية للبحث العلمي، على مستوى أوروبا بأسرها، كما فعلنا في مركز المصدر الأوروبي للجسيمات (ESS) في لوند في السويد. من خلال ESS قامت ألمانيا ومعها 15 دولة أوروبية أخرى ببناء أحدث مؤسسة للبحث العلمي في العالم فيما يتعلق بمنبع النيوترونات. أيضا التبادل الحر العابر للحدود للعلوم والمعارف يشكل عنصرا جوهريا في مجال البحث العلمي الأوروبي. لهذا السبب نتطلع إلى إتاحة فرصة "الدخول المفتوح" إلى المعارف العلمية ونتائج الأبحاث والبيانات والمنشورات الناشئة عن مشروعات ممولة من المال العام.
ما الذي يجعل مجال البحث العلمي الأوروبي، اختصارا EFR جذابا على صعيد المنافسة العالمية؟
تنتج أوروبا حوالي 30% من المعارف العالمية، رغم أن حصتها من سكان العالم لا تتجاوز 7%. تبين هذه الأرقام أن أوروبا هي قارة الأفكار. مجال البحث الأوروبي يقوم على تنوع أنظمة البحث في الدول الأعضاء المختلفة، ويتيح إمكانية تشكيل فرق متميزة عابرة للحدود مؤلفة من الجامعات والمؤسسات العلمية تكون متميزة على المستوى العالمي، مثل معهد ماكس-بلانك على سبيل المثال، حيث تعمل هذه في البحث العلمي وتستفيد من البنية التحتية المتوفرة للأبحاث. هذا التنوع من الإمكانات المتميزة لا يتوفر إلى في أوروبا.
استراتيجية EFR الألمانية تتحدث أيضا عن نقاط ضعف، كما في تطوير سوق العمل المفتوحة للباحثين العلميين. كيف يمكن مواجهة هذا التحدي؟
تشكل سوق العمل المفتوحة للعلماء جانبا مهما من الممارسات في استراتيجيتنا. حيث نضع هنا شروط حركة وتنقل العلماء والباحثين في صلب الاهتمام. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري أن تكون طرق التطور المهني في مجالات العلوم والبحث العلمي أكثر قابلية للتخطيط وأكثر شفافية ووضوحا. يحتاج الباحثون على سبيل المثال معلومات موثوقة حول ضمان الشيخوخة والتقاعد، فيما إذا اضطروا بسبب ظروف العمل إلى الانتقال من بلد إلى آخر. كما نسعى أيضا إلى تحسين شروط وضمانات مستقبل وتطلعات الجيل الجديد من العلماء وتوسيع برامج تحضير الدكتوراه. شروط العمل والبحث العلمي الجيدة والجذابة إضافة إلى ثقافة الترحيب المنفتحة تجعل من ألمانيا وأوروبا مركز جذب لخيرة المواهب في العالم.
ما هو دور قطاع البحث العلمي والعلوم الألماني في مجال البحث العلمي الأوروبي؟
دور مهم جدا! لقد ساهمنا في الماضي ببناء مجال البحث العلمي الأوروبي بشكل فعال وبنجاح، كما أننا الآن في الطريق الصحيح لتعميق هذا المجال وتطويره. نشاط مؤسساتنا العلمية وتلك العاملة في مجالات البحث العلمي يلعب دورا هاما في تحقيق أهداف استراتيجيتنا على مستوى البحث العلمي الأوروبي. الإجراءات المُخَطط لها يجب أن تدب بها الحياة ويتم تطبيقها عمليا. الإجراءات التي تم تخطيطها على الورق، يجب الآن أن تدب الحياة فيها وتخرج إلى التطبيق العملي. وهذا يمكن أن يتم فقط من خلال شراكة متينة قائمة على الثقة المتبادلة في مجالات السياسة والاقتصاد والعلوم والبحث العلمي.
برامج الإطار الجديد للاتحاد الأوروبي في مجال البحث العلمي والإبداع "آفاق 2020" تقود وتُوَحّد كافة برامج دعم مفوضية الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالبحث العلمي والإبداع. أين تكمن فرص ومزايا هذه المركزية؟
يجب أن تقود الأفكار إلى خلق فرص عمل جديدة. وهذا يكون ممكنا فقط عندما يغطي البحث والإبداع مجمل حلقات ومراحل وأنواع الابتكار، من الأبحاث الأساسية حتى الأبحاث التطبيقية والقريبة من الأسواق. هذا الترابط بين العلوم والاقتصاد لا يتيح للباحثين في الجامعات ومؤسسات البحث العلمي فرصا جذابة وحسب، وإنما يشد شركات صغيرة ومتوسطة الحجم أيضا. نتبع في ألمانيا هذه الطريق مع استراتيجية التقنية العالية منذ زمن، وقد نجحنا بموجب هذه السياسة أيضا في التوصل إلى إقرار "النسخة الجديدة" من هذه الاستراتيجية في مطلع أيلول/سبتمبر في الحكومة الاتحادية. نحن سعداء في تمكننا الآن من تقديم خبراتنا وتجاربنا في هذا المجال للشركاء الأوروبيين.
يعتبر البحث العلمي أحد البنود القليلة في موازنة الاتحاد الأوروبي التي زادت مخصصاتها مؤخرا. ما الذي تتوقعه السياسة من القطاع العلمي من خلال تقديم مزيد من المخصصات المالية له؟
يطرح البحث العلمي الأسئلة ويقدم الإجابات عليها. هناك الكثير من مسائل المستقبل الملحة، والتوقعات والآمال في أن يقدم القطاع العلمي الإجابات عليها. كيف يبدو على سبيل المثال قطاع النقل الصديق للبيئة في المستقبل، كيف يمكننا استخدام الموارد والمواد الأولية بشكل أكثر فعالية؟ بالنسبة لبرنامج الإطار الجديد للاتحاد الأوروبي في مجال البحث العلمي والإبداع "آفاق 2020" الذي انطلق في مطلع هذا العام فقد تم تخصيص موارد مالية تزيد عن مخصصات البرنامج السابق بمقدار 25%. بهذا تصل القيمة الإجمالية لبرنامج آفاق 2020" للفترة الممتدة من 2014 حتى 2020 إلى حوالي 70 مليار يورو. ويشارك قطاع العلوم الألماني بقوة في هذا البرنامج. نحن نتوقع أن يتمكن علماؤنا من خلال مشاركات رائدة وفعالة وقيّمة أن يستفيدوا من هذه المخصصات بأفضل الطرق، وأن ينجحوا في تقديم أفكار حلول لمواجهة التحديات الكبرى في المستقبل.
هل يتمتع البحث العلمي في مجالات الإبداع والتقنية بالأولوية، مقارنة بالأبحاث الأساسية ذات الاتجاهات العامة؟
"آفاق 2020" يتيح مجالا وإمكانات مختلفة للإبداعات، بغض النظر عن التخصصات العلمية والمجالات التقنية. البنية الأساسية والموضوعات المختارة تتطلب المشاركة والتعاون من كافة التخصصات العلمية. بهذا لا يمكن أن يتعارض البحث العلمي المبدع ذو التوجهات التقنية مع الأبحاث الأساسية العامة، وإنما يتمّم أحدها الآخر. تحتاج أوروبا إلى أفكار مبتكرة يمكن أن تنجم عنها إبداعات. بهذا يمكننا خلق فرص المستقبل وفرص العمل.
وكيف يشارك الفاعلون الألمان حتى الآن في برنامج "آفاق 2020"؟
تبين تجارب البرنامج السابع للبحث العلمي أن هناك في ألمانيا اهتمام كبير للتعاون مع الشركاء الأوروبيين في برنامج الاتحاد الأوروبي للبحث العلمي. في البرنامج السابع للأبحاث شاركت المؤسسات الألمانية فيما يزيد عن 7000 مشروع. وقد قامت الوزارة الألمانية الاتحادية للتعليم والبحث العلمي، وبشكل مكثف بتشجيع وتحفيز مؤسسات البحث العلمي الألمانية على المشاركة في صياغة برنامج "آفاق 2020" من حيث المحتوى والبنية. وبما أن أولى عروض المناقصات المتعلقة ببرنامج "آفاق 2020" قد انتهت للتو، فإنه لا تتوفر لدينا بعد نتائج واضحة عن نجاح المتقدمين الألمان للمشاركة. إلا أن المؤشرات تؤكد أن الاهتمام بهذه المناقصة كان كبيرا وأن الشركاء الألمان سوف يكون لهم دور فعال أيضا في مشروعات الاتحاد الأوروبي المستقبلية.
منذ 1987 قدم برنامج "إراسموس" الناجح دعما لحوالي 3 ملايين طالب من شتى أنحاء أوروبا. ومنذ 2014 يحمل برنامج "إراسموس" علامة "زائد" في اسمه، ويوحد كافة البرامج من المدرسة إلى تعليم البالغين. أين تكمن الميزة والقيمة الإضافية للبرنامج الجديد "إراسموس+"؟
البرنامج السابق "التعلم مدى الحياة" كان يشتمل على أربعة برامج فردية لمختلف مستويات التعليم الأربعة. الجديد في إراسموس+ إلى جانب الاسم، هو شموله على برامج لليافعين وبرامج رياضية أيضا. وقد نجحت ألمانيا في هذا السياق في فرض استمرارية البرامج المتميزة "الماركات" المحددة، مثل إراسموس وليوناردو دافينشي. بالإضافة إلى ذلك تم توحيد وتسهيل الإجراءات في كافة جوانب البرنامج، وزيادة التواصل والشفافية فيما بينها، وخلق إمكانية مشروعات شاملة لعدة مجالات تعليمية. بات الآن بمقدور الجامعات التعامل بشكل أسهل مع المؤسسات التعليمية والمدارس وغيرها. وأخيرا وليس آخرا تم رفع المخصصات المالية حتى عام 2020 لتصبح الآن 15 مليار يورو. بهذا سوف يكون بإمكان ما يزيد عن 4 ملايين شاب من مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي المشاركة والاستفادة من برنامج إراسموس+.