تجاوز الانقسامات
مشروع ألماني يعتمد على المصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. إلا أن الأعمال تزداد صعوبة باستمرار.
تزداد أزمة الشرق الأوسط تعقيدا مع مرور السنوات، وهذا لا يعود فقط إلى موضوعات يختلف عليها الإسرائيليون والفلسطينيون. أيضا الأطراف الرئيسية في هذا النزاع تعاني من انقسامات فيما بينها: مستوطنون، متشددون يهود أرثوذوكس، محافظون قوميون، اشتراكيون على الجانب الإسرائيلي. بينما ينقسم الجانب الفلسطيني بين أنصار حركة فتح، وأنصار حركة حماس الإسلامية. يرى الخبراء هذا الانقسام الداخلي أيضا على أنه من العقبات التي تعرقل طريق السلام. لهذا السبب يسعى البرنامج الألماني "خدمة السلام المدنية" من خلال نشاطاته إلى منع العنف والوقاية منه، ودعم السلام. "سياسة الخطوات الصغيرة"، هو اسم العملية التي يشارك فيها منتدى الخدمة المدنية السلمية (منتدى ZDF) بما مجموعه عشرة مشروعات في إسرائيل والضفة الغربية.
تعزيز الاهتمامات والمصالح المشتركة
"نريد مواجهة الانقسامات في داخل المجتمعات، بما في ذلك معارضة المتشددين"، يقول كريستيان غوليش، المدير الإقليمي في الشرق الأوسط، في القناة التلفزيونية الثانية ZDF. وهذا يعني: أنه لابد من توطين وتعزيز الحكايات والشعارات المتعلقة بالهوية والتي لا تقود إلى التمييز والتعصب أو تعزيز التفرقة، وذلك بين أوساط الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء. "من الشعارات السائدة: نحن شعب إسرائيلي، نواجه التهديد من قبل الفلسطينيين"، يشرح غوليش مستعينا برسم بياني. "نحاول في هذه المواجهة، التخلص من الشعارات المزيفة، وإبراز الاهتمامات المشتركة، مثل الفن والثقافة". ولكن الموضوعات الثقافية ليست وحدها الملائمة من أجل خلق تجارب متعلقة بالهوية الموحدة. يذكر غوليش على سبيل المثال العمل النقابي لسائقي الباصات في القدس. هناك يجلس وراء المقود السائق الإسرائيلي والسائق الفلسطيني. التعاون والعمل من أجل مصالهم المشتركة بصفتهم عاملين يمكن أن يقود إلى تراجع دور أو عدم بروز المشكلات العرقية والدينية.
منذ 1999 ينشط منتدى ZDF في هذا المجال. منذ بداية الانتفاضة الثانية في العام 2000، التي بات معها مشروع أوسلو للسلام الذي انطلق في العام 1993، بحكم المنتهي، أصبح الشرق الأوسط من بين مناطق اهتمام هذا النشاط. الوزارة الألمانية الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية تدعم هذا المشروع. وهذا يشمل أيضا عمل ثمانية موظفين من بلدان الاتحاد الأوروبي إضافة إلى ثمانية آخرين من أبناء المنطقة يعملون جميعا في مكتب المشروع في القدس الشرقية. وسوف تنتهي المرحلة الحالية من المشروع في 2020. حاليا يعكف المشاركون على تحليل نتائج التطورات السياسية في إسرائيل وفي المناطق الفلسطينية من أجل معرفة إمكانات وطرق تمديد مهمتهم.
الطريق نحو مزيد من التقارب والمصالحة
"مع الأسف تسود أجواء ساخنة ومشحونة في المجتمع الإسرائيلي وكذلك بين الفلسطينيين، إلى درجة أنه يتم اتهام الناشطين في مجال السلام بأنهم خونة للوطن". حسب غوليش. لهذا السبب أيضا يزداد العمل مع مجموعات المجتمع المدني صعوبة وتعقيدا. سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية عمدت إلى التشدد في القوانين الناظمة للتواصل الاجتماعي، بحيث يتعرض كل مع يوجه انتقادات إلى الإدارة التي تسيطر عليها حركة فتح إلى التهديد بعقوبات شديدة.
رغم ذلك ينجح منتدى ZDF في التعاون مع مجموعات محلية متنوعة جدا – سواء حركة الكشافة الإسرائيليين وشباب العمال والطلبة، وكذلك منظمة شباب فتح الفلسطينية. علما بأن ما يجمع المشاركين هو مجرد تحالف "مقاتلون من أجل السلام"، ينشط من خلاله الفلسطينيون والإسرائيليون معا من أجل السلام. في كل سنة يقوم هؤلاء الجنود السابقون في كل من الجيش الإسرائيلي وفي الحركات والمنظمات الفلسطينية المسلحة بإحياء ذكرى ضحايا الأزمة في الشرق الأوسط. هناك باستطاعة عائلات إسرائيلية وفلسطينية الحزن معا على ضحاياها. ولكن الإسرائيليين المحافظين يرون في مثل هذا النشاط استفزازا، أيضا لأن هذه الاحتفالية يتم تنظيمها في اليوم الذي يسبق الاحتفال الرسمي بتأبين الجنود الإسرائيليين وضحايا الإرهاب.
"إيجاد مكان لإحياء هذه الذكرى المشتركة يزداد صعوبة باستمرار"، يقول غوليش. "في 2019 و2018 توجب لهذا السبب نقل الاحتفالية إلى حديقة في تل أبيب". يبدو أن الطريق مازالت طويلة للتوصل إلى مصالحة جذرية حقيقية في الشرق الأوسط.
You would like to receive regular information about Germany?
Subscribe here: