من أجل سياسة أوروبية شجاعة
هل سينهار الاتحاد الأوروبي؟ الناشر غيرو فون راندوف يوضح ما الذي يمنع هذا الاحتمال.
ألمانيا. غيرو فون روندورف محرر الشؤون السياسية في الجريدة الأسبوعية المعروفة "دي تسايت" وصاحب العديد من الكتب حول السياسة الدولية. من 2008 حتى 2013 كان في فرنسا مراسلا من باريس. هكذا يرى الاتحاد الأوروبي.
السيد فون راندوف، وصفت خطة النقاط العشرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أنها "جريئة" و"متهورة". وشككت فيها: "ولكن ماذا لو كان التهور هو لغة العصر؟" هل يمكن أن يكون موديل ماكرون هو الرؤية الصحيحة للاتحاد الأوروبي الذي يواجه الصعوبات والمحن؟ غيرو فون راندوف:
اندفاعة ماكرون جاءت في توقيت محدد، وبسبب عدم قيام الحكومة الألمانية بتقديم الإجابة عليها، فتحت جرحا عميقا، إذا صح التعبير. ومنذ ذلك الحين تبذل الجهود في بروكسل وبرلين وفي مناطق أخرى من أجل التئام هذا الجرح بأفكار ذاتية جديدة. وهذا الأمر وحده يعتبر إنجازا للرئيس الفرنسي، مهما كان موقف المرء من اقتراحاته التفصيلية. لا يمكنني الحديث عن رؤية متكاملة بعد. ماكرون اقترح إصلاحات على مستويات وفي جوانب مختلفة، يمكن أن تكون أقلها وضع موازنة لمنطقة اليورو تكون خاضعة لمراقبة برلمانية.
أزمة اقتصادية، بريكسيت، صعود اليمين المتطرف – منذ عدة سنوات يواجه الاتحاد الأوروبي هذه التحديات. كيف يجب أن يتغير هذا الاتحاد كي يبقى صالحا ليكون نموذجا للمستقبل، يحترمه المواطنون ويقدرونه، وأن يحافظ على جاذبيته لجيل الشباب؟
الأكثر جاذبية من التغييرات المؤسساتية في الاتحاد الأوروبي هو اتباع سياسة مشتركة شجاعة مستعدة لمواجهة الأزمات، تراعي المصالح الأوروبية، وتكون مقنعة للمواطنين. مثال إيجابي: دور أوروبا في التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران. يجب على الاتحاد الأوروبي أيضا أن يعتبر نفسه حصنا في مواجهة الميول الاستبدادية التي تبدو في بعض أعضائه، مثل هنغاريا وبولونيا. وأخير وليس آخرا لابد أن يكون الاتحاد الأوروبي فضاء يضمن تطور الرقمنة (تبني الرقمية) وبناء النظام الاجتماعي، وأن يكون فضاء يتم فيه تشجيع الشباب على الإقدام على التأهيل والعمل، وعدم الركون إلى الفراغ أو الاستسلام في حال الفشل.
يتم أيضا تداول تفكك الاتحاد الأوروبي كأحد الاحتمالات. ما هي الاحتمالات والمخاطر التي يمكن أن تواجه 512 مليون مواطن أوروبي؟
أعتقد أن المصالح الاقتصادية سوف تحول دون هذا. وبشكل خاص في الدول الواقعة في الشرق والجنوب، المرشحة أكثر لتكون مراكز لحركات أو اتجاهات الابتعاد عن أوروبا. هناك يدرك الجميع أن انهيار الاتحاد الأوروبي سوف يعني كارثة اقتصادية لهذه البلدان.
ماذا تعني أوروبا بالنسبة لك، وأين ترى حدودها، جغرافيا وفكريا؟
أرى أوروبا على أنها مساحة قائمة على تجارب تاريخية مشتركة: حروب، اتفاقات سلام، استعمار، نهاية الاستعمار، جرائم جماعية – خصوصا المحرقة – والتعامل معها فيما بعد، ثورات، تجارب البناء والأزمات، النزاعات والحلول الوسط، الثقافة والعلوم، التطورات التكنولوجية، تأثير الديانات المسيحية واليهودية والإسلامية، وكذلك نقد الأديان، المطبخ والنبيذ، والتغيير المتزامن في أساليب الحياة، وغيرها الكثير.
أرى أن كل هذا متوافر على مساحة يمكن رؤيتها جغرافيا على أنها شبه جزيرة: مفتوحة على المحيط الأطلسي، وعلى البحر المتوسط وعلى البراري الروسية، وكل هذه الحدود الثلاثة ليست مجرد حدود فقط، وإنما مناطق تواصل وتبادل مع العالم الخارجي. في هذا الفضاء الأوروبي تجمعت الدول الأهم وشكلت الاتحاد الأوروبي، الذي بات فاعلا أساسيا في السياسة العالمية، وهو يزداد أهمية باستمرار. ولن يغير استفتاء بريكست من هذا الأمر في شيء. صحيح أنه من المستبعد حاليا التفكير في توسع جديد، إلا أن هذا الأمر لا يمكن استبعاده على المدى البعيد. تركيا على سبيل المثال لن تبقى طويلا، حيث هي الآن.
أجرت الحوار: سارة كانينغ