آسيا تصبح سَبّاكة
ولت أيام مهنة الرجال: هذا المشروع في الأردن يساعد نساء اللاجئين من سورية، ويواجه نقص المياه في البلاد.
"بالنسبة لي يعتبر هذا التأهيل المهني في غاية الأهمية. بحثت عن إمكانية لكسب المال، من أجل أن أعَيّش أولادي. كوني سباكة (سمكرية) يساعدني على إجراء الإصلاحات في البيت بنفسي، كما أن العمل يجلب دخلا جيدا"، تقول آسيا السلامة. وهي لاجئة هربت من سورية إلى الأردن. مشروع "التدريب المهني وتعزيز المهارات للأردنيين واللاجئين السوريين في قطاع المياه" للهيئة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ووزارة المياه والري الأردنية يساعد هؤلاء عبر تأهيل مهني لمهنة السباكة.
الأردن واحد من أفقر بلدان العالم بالمياه، كما أنه يتحمل أعباء إضافية لاستقباله لاجئين من سورية والعراق. وحسب أرقام وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين فقد وصل عدد اللاجئين السوريين في الأردن حتى شباط/فبراير 2018 إلى حوالي 657000، ومع تزايد عدد السكان تزداد بالتأكيد الحاجة إلى المياه بكميات هائلة.
تجهيزات قديمة، تمديدات مهترئة
يقدر الخبراء أن الحاجة إلى المياه في شمال البلاد، بالقرب من الحدود السورية قد ارتفعت بنسبة 40 في المائة. وهذا على الرغم من شح المياه في البلاد: ففي الأردن يتوفر الماء بمعدل حوالي 100 متر مكعب سنويا للفرد الواحد. للمقارنة: في ألمانيا يتوفر للفرد 20 ضعفا من المياه سنويا. هذا بالإضافة إلى أن التجهيزات والتمديدات الصحية متقادمة في العديد من المنازل، ولا يمكن مقارنة الأعطال ومعالجة مياه الصرف الصحي بالأنظمة الأوروبية على الإطلاق.
مشروع هيئة GIZ المستمر حتى 2020 مخصص لمشكلة المياه من عدة أوجه. تأهيل النساء لمهنة السباكة لا يساعد الأردن فقط على سد الثغرات في قنوات المياه والتخلص من التقطير في صنابير الماء، وإنما يساعد على التدريب من أجل المساعدة الذاتية.
بريغيتة شليشتينغ، حرفية تمتلك شركة تمديدات صحية في برلين تسافر بانتظام إلى الشرق الأوسط بصفتها مدربة. وقد أثارت من خلال عملها مشكلة من نوع خاص: "من التقاليد في الأردن أن يكون هناك رجل في البيت، عندما يأتي الحرفي الرجل لإصلاح أو تركيب شيء ما". وهذا ما يزيد من أهمية أن تعمل المرأة في مهنة السباكة، من أجل إيقاف تقطير الصنبور بأسرع وقت ممكن وتخفيف الهدر إلى أقصى درجة، خاصة وأن في الأردن يضيع حوالي 40 في المائة من المياه هدرا بسبب التجهيزات القديمة والأنابيب المهترئة، حسب تقدير الخبراء.
آفاق جديدة للمرأة السباكة
منذ 2014 تم تأهيل 536 متخصصا في مهنة السباكة والتمديدات الصحية، نصفهم من النساء. يستمر التأهيل المهني من شهرين إلى سنة. يعمل عشرة مدربين في سبع مدارس مهنية مع المتدربين، بالإضافة إلى 20 مشارك أنهوا تدريبهم سابقا، يعملون كمساعدين مدربين. كذلك تفعل شليشتينغ، المعلمة المتخصصة في مهنة السباكة والتمديدات الصحية، التي تساهم لمدة أسبوعين في تأهيل وتدريب السيدات.
لا تكتفي سَبّاكات المستقبل باقتحام عالم مهني يسيطر عليه الرجال وحسب – بالمناسبة، حتى في ألمانيا كان هناك حاجة للعديد من الفعاليات والأنشطة مثل "يوم البنات"، من أجل الدفع نحو تغيير الصورة النمطية لتوزيع الأدوار. في الأردن تنجح السباكات وعاملات التمديدات الصحية في خلق فهم اجتماعي جديد لتوزيع الأدوار: قديما كانت الغالبية منهن تعتمد على الأزواج في كسب العيش، واليوم يكسبن عيشهن بأنفسهن. في ختام فترة التأهيل المهني تحصل السيدات أيضا على العدد والأدوات الضرورية، كي يَتَمَكّن من العمل مباشرة بشكل مستقل في مهنة التمديدات الصحية "سبّاكات"، أو التعاون معا في هذا المجال. وقد تمخض عن المشروع حتى الآن مشروعان للتعاون من هذا النوع، أحدهما في العاصمة عمان، والآخر في إربد.
دور فعال للمساجد
يضم مشروع هيئة GIZأيضا تأهيل سفراء من أجل الماء. هذا الدور يتولاه بشكل رئيسي أئمة المساجد والمصلحين والمتخصصين النفسيين، بصفتهم فاعلين مؤثرين في المجتمع. يقدم "سفراء المياه" معلومات بسيطة، ولكنها فعالة ومؤثرة من أجل التوفير في استهلاك المياه، ويقدمون مثالا عمليا جيدا: ضمن إطار مشروع رائد يتم حاليا في بعض المساجد ودور العبادة تركيب تجهيزات جمع وتحضير مياه الأمطار. وفي غالبية المساجد يوجد اليوم تجهيزات وتمديدات جديدة، توفر في استهلاك المياه من أجل النظافة والطهارة بمقدار الثلث على الأقل. وحتى يتم السماح للسباكات السيدات الجديدات بالاهتمام بالتمديدات الصحية في المساجد، ربما تكون هناك حاجة إلى خلق تفكير جديد في مجتمع يسيطر عليه الذكور. إلا أن الخطوات الأولى قد تمت بنجاح.
You would like to receive regular information about Germany? Subscribe here: