حدائق نجوم لألمانيا
الضوء الاصطناعي يجعل ليالينا أكثر سطوعًا وتوهجًا. وهذا الأمر ليس مجرد إهدار للطاقة، بل إنه يضع ضغطًا على النظم البيئية بأكملها.
عندما تنطفئ الأنوار لمدة ساعة في العديد من الأماكن حول العالم في يوم 25 مارس من أجل ساعة الأرض لحماية المناخ واحتجاجًا على هدر الطاقة، لا يزال ذلك قليلًا جدًا بالنسبة لمانويل فيليب. حيث يقول الفيزيائي والفلكي: "بصراحة دائمًا ما كنت منزعجًا قليلاً من ساعة الأرض". وأضاف "لا شيء يتعارض مع القيمة الرمزية للمبادرة. ولكن هناك مشكلة واضحة للغاية لم تعالجها الحملة حتى الآن. وهذا له عواقب وخيمة على الأقل مثل استهلاكنا المفرط للطاقة الذي يتعارض معه الاستغناء عن الضوء الاصطناعي."
ما يعنيه فيليب بذلك: أن الضوء نفسه هو المشكلة. حيث توجد حاليًا كميات هائلة من الضوء الاصطناعي لدرجة أن الخبراء يتحدثون عن التلوث الشديد الذي يعاني منه مجالنا الحيوي والمعيشي. تتشكل أجراس ضخمة من الضوء خاصةً فوق المدن الكبيرة ينبعث منها ضوء اصطناعي في دائرة نصف قطرها تصل إلى 200 كيلومتر. ووفقًا لدراسة حديثة أجراها مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض (GFZ) في بوتسدام يتزايد استخدام الضوء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم بنسبة 10 في المائة تقريبًا سنويًا.
إضاءة قاتلة للكثير من الحشرات
في المدن أصبحت الليالي الآن ساطعة للغاية بحيث يصعب رؤية النجوم. ومن ثم تحذر المنظمات البيئية من عواقب التلوث الضوئي على النظم البيئية بأكملها. فالأرق الناتج عن اضطراب إيقاع الليل والنهار الذي يعاني منه الكثير من الناس هو أقل المشاكل المترتبة على هذا التلوث. حيث ذكر فيليب أن "مصادر الضوء تعمل مثل المكانس الكهربائية على الحشرات التي تنشط ليلًا، وكثير منها يؤدي أيضًا دورًا مهمًا كملقحات". وأضاف "وبالتالي يعلقون بهذه المصادر الضوئية، وإما يؤكلون بسرعة أو يموتون من الإرهاق."
ولا يجب أن يكون الأمر كذلك. وأردف "حوالي ثلث الضوء الذي ننتجه في الليل يضيع دون فائدة. ويقول فيليب "لذلك يمكننا الاستغناء عنه بسهولة دون الحاجة إلى القلق بشأن السير فقط في الشوارع المظلمة في المستقبل". في عام 2019 أسس فيليب مبادرة "عرَّابيّ الليل؛ Paten der Nacht" للتعامل مع الضوء الاصطناعي بصورة أكثر وعيًا.
ليلة الأرض ودرب التبانة فوق مدينة فرانكفورت
بدأت حملة "ليلة الأرض؛ بالإنجليزية: Earth Night" في العام 2020 بناءً على ساعة الأرض. فمن المفترض ألا تنطفئ الأضواء لمدة ساعة فحسب، ولكن طوال ليلة في شهر سبتمبر مع مطلع الهلال. وشاركت في هذه الحملة أكثر من مائة مدينة في عام 2022، وتمكن فيليب من تشجيع حوالي 30 بلدية على إطفاء إنارة الشوارع. أحيانًا يتخيل فيليب كيف سيكون الحال إذا اختفى كل الضوء الاصطناعي من مدينة كبيرة: "عندئذٍ يمكن رؤية درب التبانة من مدينة فرانكفورت."
في النهاية أدى الافتتان بالنجوم بعلماء الفلك إلى التعامل مع هذا الموضوع. بمبادرته نشأت واحدة من إجمالي خمس حدائق نجوم في ألمانيا في جبال الألب الألمانية: عبارة عن مناطق حماية من الضوء بأقل قدر ممكن من الإضاءة الاصطناعية، وهي مُعتمدة من الجمعية الأمريكية الدولية للسماء المظلمة (IDA). وهناك 175 من مجتمعات السماء المظلمة في جميع أنحاء العالم.
هل ترغب في الحصول على معلومات منتظمة عن ألمانيا؟ كيفية تسجيل الدخول: