معا من أجل طاقة نظيفة
تسعى جنوب أفريقيا جاهدة لتحقيق تحول الطاقة. ألمانيا وغيرها من البلدان تدعم هذا التوجه عبر شراكة جديدة.
حتى بعد مائة عام على استكشافهما المشترك مازال المهندسان الألمانيان فرانز فيشر وهانس تروبش حاضرين إلى أقصى الحدود في جنوب أفريقيا. طريقتهما في تحويل الفحم الصلب إلى وقود احتراق سائل مازالت مستخدمة في محطة ساسول في سيكوندا بشكل لا مثيل له في العالم: يوميا تسيل أكثر من 25 مليون ليتر من المازوت (ديزل) من محطة تسييل الفحم. خلال ما يقرب من 70 عاما من العمل، أنتجت محطة سيسول ما يزيد عن 300 مليار ليتر من وقود الاحتراق السائل. إلا أن تكلفة هذه العملية المعقدة لا يمكن تجاهلها: مع انبعاثات من غاز ثاني أكسيد الفحم CO2 بمقدار يقرب من 60 مليون طن سنويا تعتبر محطة سيسول واحدة من أكبر المتسببين في انبعاث ثاني أكسيد الفحم في العالم.
لا يجوز أن تستمر هذه الحال في زمن التحول المناخي، تماما مثل حقيقة أن جنوب أفريقيا تعتمد على الفحم بواقع يزيد عن 80 في المائة في إنتاج الطاقة الكهربائية. من مواجهة المسببين "الخطيئتين" الأكبر لانبعاثات الغازات العادمة، والمتمثلين بإنتاج الوقود وتوليد الطاقة الكهربائية، يتجلى هدف شراكة الطاقة التي عقدتها ألمانيا مع جنوب أفريقيا.
ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي قامت مجتمعة خلال مؤتمر قمة المناخ في غلاسكو بتخصيص 8,5 مليار دولار أمريكي لمساعدة البلاد من خلال عقود ودعم مالي، وذلك ضمن إطار الشراكة من أجل تحول الطاقة العادل، أو ما يعرف باسم مجرد شراكة انتقال الطاقة فقط (JETP).
مع مراعاة خاصة للطبقات الاجتماعية المحتاجة مثل العاملين في المناجم والنساء والشباب، يتم تقديم الدعم من أجل التخلص من الاعتماد على الفحم، والتوجه نحو اعتماد مصادر الطاقة المتجددة. مع 2800 ساعة من أشعة الشمس وسطيا في السنة، والرياح الدائمة عند شواطئ الأطلسي تعتبر مقومات الطاقة الخضراء في جنوب أفريقيا متوافرة بشكل جيد جدا. من خلال برنامج JETP من المفترض أن يتم تعزيز تحول الطاقة في جنوب أفريقيا.
يتوجه صلب الاهتمام حاليا إلى مشروعات يمكنها الثبات وتجاوز مرحلة الانتقال من الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة. على سبيل المثال خطة محطة ساسول ومركز هيلمهولتس في برلين التي تهدف إلى التوقف عن استخدام طريقة فيشر-تروبش المعقدة في تحويل الفحم إلى مازوت "ديزل" كما كانت الحال حتى الآن، واعتمادها بدلا عن ذلك في تحويل الهيدروجين إلى بنزين للطائرات (كيروسين). هذه الطريقة لا تنطوي على التسبب في أية انبعاثات لغاز ثاني أكسيد الفحم، بل على العكس، هي تحتاج إلى هذا الغاز. طالما أن إنتاج الهيدروجين ممكن بأساليب غير ضارة بالمناخ، فإن هذه الطريقة ليست فقط حيادية لجهة المناخ، وإنما إيجابية أيضا. كذلك إنتاج الهيدروجين الأخضر في الأيام المشمسة عند رأس الرجاء الصالح لن يكون من الأمور المستحيلة. شراكة الطاقة الألمانية-الأفريقية توفر أيضا على هذا الصعيد التقنيات ونقل المعارف والاستثمارات اللازمة.
You would like to receive regular information about Germany? Subscribe here