المعجزة الحلم في ستراسبورغ
دويتشلاند deutschland.de تسأل عن شكل وأسلوب النقل في المستقبل: كان نقص الموارد المالية السبب وراء بناء قطار الشوارع، واليوم يعتبر هذا القطار مثالا يحتذى على المستوى العالمي.
تتعامل بعض المدن مع قطار الشوارع بطريقة تشبه التعامل مع أسطوانات الموسيقى القديمة: لفترة طويلة ساد الاعتقاد بأنها خرجت نهائيا من التداول وباتت من الموضة المنقرضة، بسبب ظهور تقنيات جديدة. صحيح أن قطار الشوارع كان هو الطابع الغالب في المدن خلال النصف الأول من القرن العشرين، إلا أنه ذهب في فرنسا ضحية انتشار الباصات في مجال النقل داخل المدن خلال الخمسينيات والستينيات، حيث كانت هذه الباصات تُعتَبَر أكثر مرونة وأقل تكلفة.
ولكن مع تسعينيات القرن الماضي عدلت المدن الفرنسية المتوسطة الحجم فكرتها وعادت إلى اعتماد السكك الحديدية للنقل الداخلي، حيث أن وسط المدينة كان غير صالح لبناء شبكات المترو تحت الأرض، وبات التنقل بالباصات في المدينة صعبا لشدة الازدحام. كانت بداية عودة قطارات الشوارع في غرونوبل ونانت. وهذا ما أوحى إلى مدن مثل ستراسبورغ التصويت ضد المترو، واستعادة نهضة قطار الشوارع. وأي قطار هذا! حتى اليوم يعتبر هذا التحول البنيوي في النقل داخل المدينة القريبة من الحدود مع ألمانيا مثالا للقائمين على تخطيط المدن في مختلف أنحاء العالم.
سير متحرك للمشاة، صديق للبيئة، بدون ضجيج
مع بناء شبكة قطارات الشوارع (ترام) المكونة اليوم من ستة خطوط في المدنية الواقعة على نهر الراين لم تتغير فقط طريقة تنقل الناس. أيضا صورة المدينة تغيرت بشكل جذري. بينما كان تصميم وبناء المدن يجري حسب احتياجات سائقي السيارات خلال العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، بدأ عصر استعادة المشاة وراكبي الدراجات، وكذلك قطار الشوارع القليل الضجيج، زمام المبادرة والسيطرة على مراكز المدن.
يمشي قطار الشوارع في ستراسبورغ على مستوى منخفض عن الطرق المرصوفة، وهو يكاد يكون مبنيا فقط من نوافذ. التصميم يهدف إلى يكون القطار أشبه بسير متحرك لنقل المشاة، وينساب القطار فوق السكة بهدوء، بدلا من التعثر والاهتزاز عليها. وقد تم بناء ما يزيد عن 46 كيلومترا من سكة قطار الشوارع في ستراسبورغ على عدة مراحل. منذ البداية كانت مواقف القطارات عند أطراف المدينة جاهزة، بحيث يمكن لأصحاب السيارات الوصول إلى الضواحي بسهولة. كما تمت العناية كثيرا بالشكل الجمالي، حيث تم تكليف فنانين بتزيين المحطات بإبداعات مواهبهم.
إلى ألمانيا بقطار الشوارع (الترام)
تلوث الهواء والضجيج في تراجع - مستوى معيشة السكان نحو الأفضل. هذا الخبر انتشر سريعا في المناطق الحضرية الأخرى في فرنسا. موديل ستراسبورغ كان المُلهِم للعديد من المدن، مثل مونبلييه وبوردو ونانسي، التي عمدت إلى توجيه مبادئ البناء المدني باتجاه "الترام". بالمناسبة، فإن قطارات الشوارع في ستراسبورغ باتت منذ مطلع العام 2017 تصل حتى مدينة كيل الألمانية، عابرة الحدود المتمثلة في نهر الراين.
ما الذي نتعلمه؟
قطارات الشوارع الحديثة منخفضة الصوت وصديقة للبيئة. الطرقات القديمة مازالت موجودة في أغلب الأحيان. ولكن حسب الموقع والحاجة فإن مسارات السكك الحديدية المُسَيّجَة والقطارات السريعة تخترق المدن والأحياء.
You would like to receive regular information about Germany? Subscribe here: