النظر إلى الأمور من زاوية ثقافية أخرى
بواسطة التدريب العملي الذي يوفره برنامج CrossCulture Plus يجمع شباب من العالم العربي خبرات من ثقافات أخرى.
استطلاع المدينة على الدراجة الهوائية، شارعاً شارعاً مع ابتسامة على الشفتين. عندما تفكر حنان خالد بالزمن الذي قضته في ألمانيا تتذكر بسرور خاص أن "ركوب الدراجة الهوائية هو بالنسبة إلى الألمان رياضة بسيطة، أما بالنسبة لي فقد كان كالطيران"، حسب قولها.
حنان خالد عمرها 29 عاماً وهي من اليمن. من يونيو/حزيران حتى أغسطس/اَب 2013 كانت لديها منحة دراسية من برنامج CrossCulture Plus: يقضي العاملون الشباب من مصر وتونس وليبيا واليمن ما بين ستة أسابيع وثلاثة أشهر في ألمانيا ويؤدون تدريباً عملياً في إحدى المنظمات الألمانية.
تريد منظمة CrossCulture Plus تقوية الحوار بين الناس والمؤسسات والثقافات وتعميق الشراكة بين ألمانيا والبلدان ذات الصبغة الإسلامية. تقدم المنحة من "معهد العلاقات الخارجية" (ifa) بتمويل من وزارة الخارجية الألمانية في إطار الشراكة من أجل التحول التي تقدم دعماً فعالاً للعملية الديمقراطية في العالم العربي.
كانت حنان خالد تعمل لمشروع "الأزمنة الساخنة" Hot Times العائد لمنظمة (شبكة عالم واحد لولاية شمال الراين وستفاليا) في دوسلدورف. والأزمنة الساخنة مشروع لتوعية الأطفال والشبيبة بعواقب التحول المناخي. ولقد نظمت حنان خالد خلال دورتها التدريبية، على سبيل المثال، حملات في شبكة التواصل الاجتماعي، وورشات عمل ومؤتمرات.
يعمل الحاصلون على منح من CrossCulture Plus في بلدانهم في مجالات مختلفة من مجالات المجتمع المدني: في مجال التعليم وحقوق الإنسان ودعم الديمقراطية وحماية البيئة. وهم يؤدون في ألمانيا تدريبهم العملي في منظمة لها مهام مشابهة. ولا تقتصر الغاية من المنحة على اكتساب كفاءات مهنية. بل إن "البرنامج يقدم أيضاً"، حسب قول إيفا سُديك- تسيشا مديرة حقل التدريب العملي في منظمة كروس كالتشر، "إمكانات للتعرف على ثقافات أخرى. والهدف المنشود هو أن يشهد المتدربون تبدل المنظور، أي النظر إلى الأمور من زاوية أخرى، وتلمس ثقافة أخرى من الداخل". بذلك تنفتح آفاق جديدة للتطور والتحول الاجتماعي.
يقيم الحاصلون على المنح خلال إقامتهم في ألمانيا علاقات مهمة يمكنهم الاستفادة منها في التعاون المستقبلي بعد عودتهم إلى وطنهم. كما أنهم ينقلون معهم ما اكتسبوه من خبرات في الخارج إلى المنظمة التي يعملون فيها في بلدانهم. وهكذا يصبحون كالدعاة ذوي التأثير المضاعف الذين يساهمون في تطوير الهياكل الديمقراطية في أوطانهم.
الشيء المتميز في منح منظمة CrossCulture Plus أن التدريب العملي يتم تكييفه مع متطلبات ورغبات المشاركين. بالإضافة إلى ذلك هناك برنامج إطاري يتضمن حفلات وأمسيات وزيارات ونقاشات. فحنان خالد، على سبيل المثال، شاركت في المؤتمر الدولي Global Media Forum الذي نظمته إذاعة صوت ألمانيا باللغة العربية (دويتشه فيله) في بون، وقامت بزيارة للمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) في إشبورن قرب فرانكفورت، التي تنفذ مشاريع التعاون التنموي الألمانية وكانت في قمة المشاركة الرقمية Digital Participation Summit في مونستر.
إلى جانب إعطاء المنح الدراسية تقوم منظمة CrossCulture Alumni بدعم مشاريع صغيرة في بلدان التحول العربية تساهم في تقوية هياكل المجتمع المدني هناك. ومن هذه المشاريع مشروع "أطفال في سلام" Children in Peace. أسس هذا المشروع أسامة الفقيه. يعمل هذا اليمني البالغ من العمر 31 عاماً لصالح "مؤسسة تنمية القيادات الشابة" في صنعاء، وهي منظمة غير حكومية لدعم الأطفال والشبيبة في اليمن. وكان أسامة الفقيه قد أدى سنة 2010 تدريباً عملياً في ألمانيا بموجب منحة قدمها له "برنامج كروس-كالتشر".
جمعية "أطفال في سلام" تعمل من أجل أطفال جماعة (أخدم) المضطهدين جداً في اليمن. فالمهمشون، كما يسمون في اليمن، يحتلون أدنى مرتبة في السلم الإجتماعي. ويقول أسامة الفقيه: "نحن نجمع أطفال أخدم مع أطفال من طبقات اجتماعية أخرى، حيث يتعرفون على بعضهم عند تنفيذ مشاريع اجتماعية أو عند ممارسة الرياضة معاً. وهكذا تصبح مع مرور الزمن الفوارق بين الطبقات الإجتماعية أصغر".
حصل أسامة الفقيه على دعم لمدة أربعة أشهر من برنامج CrossCulture Plus وتقول إيفا سُدْيك تسيشا: "لدينا اهتمام كبير في أن تكون هناك بعد التدريب العملي، إمكانات للتعاون أو أن تنفذ مشاريع مشتركة بين المنظمة في ألمانيا والمنظمة في بلد الطالب الحاصل على المنحة. ومن المفترض والمطلوب أن يقدم برنامج CrossCulture Plus الحافز لمثل هذا التعاون".
وبالنسبة لحنان خالد كانت المنحة مفيدة أيضاً بعد عودتها إلى اليمن. متأثرة بعمل المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي قامت بتأسيس مشروع (الحديقة المنزلية) Home Garden. بالتعاون مع منظمتين أخريين غير حكوميتين تساعد الناس الفقراء في اليمن على زراعة الحدائق. وبهذه الطريقة يفترض أن يتحسن وضع التزود بالمواد الغذائية. تمويل المشروع يأتي من ألمانيا.
فيكتوريا كليبر وكريستوف ريكينغ