تسعة أسباب من أجل حماية الأرياف
الهجرة من الريف وموت القرى من الأمور التي تضر بالديمقراطية، حسب رأي خبير الجغرافيا غيرهارد هينكل. هذه هي أوضاع القرى الألمانية.
مستقبل القرية من الموضوعات الأهم بالنسبة لعالم الجغرافيا البشرية غيرهارد هينكل. كتابه "أنقذوا القرية. ما الذي يجب فعله الآن" يقدم موضوعات حوارية حول التبعات السياسية للهجرة من الريف. هنا يشرح البروفيسور السابق في جامعة ديسبورغ-إسن ما الذي يجب أن يتغير.
السيد هينكل، أنت تنادي بإنقاذ القرى. ما هي الأوضاع الحالية في المناطق الريفية؟
الأمر الإيجابي: التحول الاقتصادي والاجتماعي خلال العقود الأخيرة حقق الكثير من التقدم في الأرياف. عبر التعليم والنقل بات سكان المناطق الريفية اليوم أكثر ثراء وليبرالية وانفتاحا على العالم. القرية تحظى من حيث المبدأ بحب أبنائها وزوارها.
الأمر السلبي: غالبية القرى خسرت شركات وفرص عمل وبنية تحتية. فهي بدون مدارس، ولا مطاعم ولامتاجر ولا مكاتب بريد ولا بنوك، ولا حتى كنائس. الشباب يهاجرون، المسنون يبقون. حلقة مفرغة من الخسائر الحقيقية والمزاج السيء تسود عالم الأرياف.
أنت تقولون أن السياسة القائمة، على المستوى الاتحادي وعلى مستوى الولايات تقود إلى إضعاف الريف. كيف تعني ذلك؟
من خلال الإصلاحات الإقليمية والمحلية المفروضة "من فوق" أصبح العديد من القرى مجرد مناطق بلا حول ولا قوة، تابعة لوحدات إدارية كبيرة. حيث فقدت مسؤوليتها في الإدارة الذاتية من خلال العمدة ومجلس البلدية، التي تم بناؤها على مدى مئات السنين. في ألمانيا تم إلغاء ما يزيد عن 300000 سياسي محلي يعمل على أساس تطوعي من خلال فرض الإصلاحات الإقليمية والإدارية. كما أدى ذلك إلى زوال الأسس الديمقراطية المتواجدة في أكثر من 20000 قرية وبلدة صغيرة. وتؤكد الدراسات أن هذه الإصلاحات لم تؤدي إلى توفير النفقات، كما كان مأمولا، وإنما تسببت في خسائر فادحة على صعيد الديمقراطية والبنية التحتية.
إذا ما استعادت السياسة المحلية في الأرياف صلاحياتها، سوف تستعيد أيضا الاحترام والتقدير. حينها ربما يعود المواطنون إلى المشاركة. يجب أن ينخرطوا في السياسة المحلية، ولكن أيضا أن يساهموا في تشكيل الأندية التي تعمل بشكل فعال.
لماذا لا يجوز أن تموت القرى؟
تشكل الأرياف 90 في المائة من مجمل الأرض الألمانية، وهنا يعيش ما يزيد عن 50 في المائة من السكان، وهي مهمة جدا بالنسبة للدولة والمجتمع على حد سواء، تماما كما المدن الكبيرة. وهذا الأمر يمكن تبريره بتسعة أسباب:
- أكثر من 50 في المائة من القيمة المضافة في ألمانيا يتم تحقيقها في الأرياف، كما أن العديد من الشركات الرائدة على المستوى العالمي تتمركز في القرى والمدن الصغيرة.
- يقوم الريف بتزويد المجتمع بالمواد الغذائية والمواد الأولية، مثل الماء والخشب ومصادر الطاقة المتجددة.
- الناس في الريف أكثر سعادة بالبيئة المحيطة بهم.
- ينمو الأطفال واليافعين في الأرياف بطريقة أكثر صحية.
- أساليب الحياة الريفية هي الموضة حاليا.
- هناك إمكانات أكثر وقدرات أكبر على مواجهة المهمات والمشكلات المحلية وفق المبدأ التطوعي أو بالطريقة التعاونية.
- المسؤولية الذاتية متأصلة في الريف بشكل عميق.
- تتيح الأرياف أرضية ثقافية رفيعة المستوى.
- هنا يوجد أسلوب حياة بديل، متأثر بالطبيعة والقرب من الناس.
أجرت الحوار: تانيا تسيش