إلى المحتوى الرئيسي

«أستطيع أن أقول ما أريد»

أسانة باديانة يضحك الناس - دون قيود أو محرمات تقرأ هنا لماذا يعتبر الفكاهة هي الحرية. 

كيم بيرغKim Berg , 16.10.2024
أسانة باديانة، كان أول ظهور كوميدي له على المسرح في 2022.
أسانة باديانة، كان أول ظهور كوميدي له على المسرح في 2022. © Ramiro Simone

قُل ما تفكر فيه. ابحث فيما تريد. أبدع الفن الذي تشاء: هذه الحريات يتمتع بها كل فرد في ألمانيا، وهي من أسس الديمقراطية، كما أنها تحظى بحماية الدستور الألماني. تعرف على شباب من ألمانيا، يثبتون عمليا كيف يعيشون هذا التنوع والتعددية. 

 

أحيانا تسير الحياة بشكل مخالف لما تتناه الأم لولدها: وهكذا كان الأمر أيضا مع أسانة باديانة: «درست إدارة الأعمال الدولية، فقط لأن الاسم يبدو مثيرا. يمكن للمرء أن يقول هذا لأمه، وهي سوف تفكر، لقد نجح ابني في الأمر». في 2022 حضر عرضا كوميديا مفتوحا، بصحبة صديقته. تتميز مثل هذه العروض بالممثلين الكوميديين الهواة والمحترفين الذين يرغبون في تجربة برنامجهم المسرحي الجديد أو اكتساب الخبرة المسرحية. التقى أسانة بمقدم العرض على هامش الحدث، وحصل تلقائيًا على مكان مجاني في نفس الأمسية. يقول أسانة ضاحكاً: «لقد سألني حينها إذا كان لدي برنامج، لم يكن لدي أي شيء وقد كذبت عليه فحسب.» رغم ذلك حقق ظهوره نجاحا كبيرا. «لقد لاحظت فورا أنني قد وجدت ضالتي»، يتابع قائلا. بعد الظهور الثاني، ترك أسانة الدراسة ووهب نفسه لعشقه الجديد: الكوميديا. عندما أخبر أمه بأنه يريد الآن العمل في مجال الكوميديا كان رد فعلها: «لا تفعل أرجوك. هذا ليس عمل!». 

الحياة بين القطار وخشبة المسرح 

إلا أن أسانة تمسك بحلمه بقوة. «كانت السنة الأولى قاسية». في كل عطلة نهاية أسبوع كان يسافر من بلدته الأم ما يزيد عن ثلاث ساعات بالقطار إلى هامبورغ. وبشكل عام فقد أمضى السنة الأولى من مسيرته الفنية بشكل أساسي متنقلا بين القطارات. انطلق من مدينة إلى أخرى وقدم عروضه دوما في كل مكان يتاح له تسلم الميكروفون. لم يكن ذلك بالأمر المربح ماديا. «في بعض الأحيان حصلت على 50 يورو فقط مقابل تقديم فقرة، وقد دفعتها مباشرة ثمن بطاقة القطار التالية»، يقول الفنان الشاب. إلى جانب ذلك كسب بعض النقود من خلال العمل نادل.  

اعتبارا من 2024 بدأ أسانة بالعمل في مجال الكوميديا كمهنة أساسية. وهو يظهر اليوم في العديد من الفعاليات الكوميدية. في 2023 فاز بعدة جوائز دفعة واحدة. منذ آب/أغسطس 2023 يتحدث أسانة من خلال بث صوتي بودكاست مع صديقه الكوميدي فريدي إكوي عن الموضوعات المهمة والمثيرة في الحياة: الحياة اليومية، الثقافة، الموضوعات الاجتماعية. في 2025 يبدأ أسانة جولته الأولى عبر ألمانيا. خلال العروض التي يقدمها يتحدث عن حكايات من حياته الشخصية. «على خشبة المسرح أتحدث تماما مثلما أتحدث مع صديقتي»، حسب أسانة.  

كيف تحمي حرية الرأي والفن الكوميديا والسخرية 

أكثر ما يعجب أسانة هو الحرية التي يتمتع بها في ألمانيا في مجال الكوميديا. «لدي الحرية في أن أصعد خشبة المسرح وأقول ما أريد. هذا أمر رائع بالفعل». ولكن هناك قاعدة في عالم الكوميديا: «كلما كان الموضوع أصعب، يجب أن تكون النكتة أفضل، إذا كنت تريد إلقاءها على خشبة المسرح». هذا ما قاله فيليكس لوبريشت ذات مرة، وهو واحد من أهم الكوميديين الألمان.  

تحظى الكوميديا والسخرية في ألمانيا بالحماية بموجب الحقوق الأساسية لحرية التعبير والحرية الفنية، المتأصلة والمترسخة في الدستور (القانون الأساسي). حيث يسمح الدستور للفنانين أيضا بتقديم محتوى استفزازي أو نقدي دون التعرض لأي نوع من الرقابة. وهذا يشمل أيضا النقد الحاد للسياسيين وللأوضاع والمؤسسات الاجتماعية. «الحرية الشخصية غير المقيدة تسمح لي بالتعبير والتطور كما أريد. لا وجود للمحظورات، ولا وجود لأي شيء ممنوع الذكر»، يقول أسانة.  

كذلك المحكمة الدستورية الاتحادية تشارك هذا الرأي أيضا. وقد شددت مرارا وتكرارا على ضرورة حماية الحرية الفنية بشكل خاص لأنها تؤدي وظيفة اجتماعية مهمة، على سبيل المثال كوسيلة للنقد والتفكير. وفي عدة أحكام أصدرتها، أكدت المحكمة أن السخرية جزء أساسي من النقاش السياسي والاجتماعي ويجب حمايتها بشكل خاص. 

الحرية في غاية الأهمية بالنسبة لي ككوميدي. من أجل الحفاظ على حرية الرأي من المهم أن لا يشعر المرء بأية قيود على خشبة المسرح.
أسانة باديانة

الكوميديا والديمقراطية 

إلا أنه يوجد بعض القيود التي ينص عليها القانون أيضا. منها على سبيل المثال تجنب الشتيمة والافتراء والإهانة. هذه القوانين تسري عندما لا يتم استخدام السخرية كنوع من الفن، وإنما يكون الهدف منها إلحاق الأذى بالشخص المعني. 

إلى جانب دورها كوسيلة للتسلية والمتعة تؤدي الكوميديا أيضا دورا محددا اجتماعيا هادفا. «أعتقد أن الفكاهة تلعب دورا مهما جدا في المجتمع الديمقراطي»، يؤكد أسانة. بالنسبة له تشكل الكوميديا الفرصة الممتازة للحديث عن الموضوعات الاجتماعية المهمة دون الخوض في حوارات كبيرة حولها. وهو يعتقد أن الكوميديين يتحملون مسؤولية كبيرة عندما يدور الأمر حول الدفاع عن حرية الرأي. «الحرية في غاية الأهمية بالنسبة لي كفنان كوميدي. من أجل الحفاظ على حرية الرأي من المهم أن لا يشعر المرء بأية قيود على خشبة المسرح».