أكثر من مجرد سقف فوق الرأس
60 مليون إنسان في العالم يعيشون كلاجئين. معظمهم يعيشون في مخيمات للاجئين وفي مستوطنات غير رسمية. شركة دانييل كربر "أكثر من ملاجئ" تريد تحسين أوضاعهم الحياتية.
سيد كوبر، عندما أسست سنة 2013 مشروع "أكثر من ملاجئ" (more than shelters).
كنت تفكر في مساعدة الناس في إفريقيا وآسيا وفي الإغاثة من الكوارث وفي حلول قصيرة الأجل. والآن تنتصب خيام الدومو المصممة من قبلكم في هامبورغ لإيواء لاجئين من سورية. فكيف تجد هذا؟
لقد أصبح الوضع الآن أمام بيوتنا، وهذا يدعو طبعاً إلى الشعور باليأس والغضب لأنه تم تضييع كثيراً من الفرص. ففي بدايات "أكثر من ملجأ" في سنة 2013 كنا نريد اتخاذ موقع في المساعدات الإنسانية كلاعب مجدد. والآن أصبحت التحديات في ألمانيا كبيرة جداً وفي كثير من الأماكن في وقت واحد مما دفعنا إلى تنظيم نفسنا استراتيجياً على أسس جديدة كلياً. فنحن نريد إدخال عملنا الرامي إلى دمج المكان والإنسان معاً في هذا الوضع الجديد.
هناك كثير من الناشطين الإنسانيين في مجال إغاثة اللاجئين ومساعدتهم. فما الذي يميز منظمة "أكثر من ملجأ" عن غيرها؟
لقد تخصصنا في إيجاد مجالات لعيش الناس المحتاجين حياة كريمة تحترم إنسانيتهم. فالخيمة التي طورناها "دومو" يمكن تكييفها مع الظروف العائلية والمناطق المناخية وبذلك تتيح للسكان حريات واسعة في اختيار طريقة حياتهم. ونحن نشارك الهيئات المحلية أيضاً في عملنا في مشاريع البنية التحتية: فهم لديهم المعرفة ونحن لدينا الخبرة. وهذا ما نجمعه معاً في إطار واحد.
ما هو شكل عملكم في ألمانيا؟
نتابع في هامبورغ مشروعين: فنحن نوفر ،أولاً، بخيام الدومو أمكنة للنشاط الاجتماعي داخل المجمعات الأولى لاستقبال اللاجئين. وهذا هو مشروع المكان في المكان. في الخيام تستطيع النساء إرضاع أطفالهن بهدوء ويستطيع الأطفال اللعب.
ونحن نوفر ،ثانياً، بخيام الدومو مكاناً خارج القاعات الكبيرة للقاءات والاجتماعات. هنا يستطيع اللاجئون الالتقاء لتناول القهوة معاً وأيضاً للالتقاء مع أخصائيي الرعاية النفسية. فعندما يقيم المرء عدة أسابيع في مخيم من الحاويات أو في صالة رياضية كبيرة، مفصولاً عن الآخرين بألواح بلاستيكية، يفقد صوابه. ولذلك ألحقنا بمنشأة الرجال أربع خيام دومو مناسبة لفصل الشتاء. والآن انتهت مرحلة التجريب في هامبورغ. ونحن نريد توسيع مشروع الدومو ليشمل جميع منشآت الاستقبال الأول للاجئين وإيوائهم المؤقت. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2015 نصبنا أيضاً خيمتين دومو أمام المحطة الرئيسية في هامبورغ لاستعمالهما كحجرة للملابس وكمطبخ لتحضير الحساء. فضلاً عن ذلك فنحن في صدد وضع الخطط لجلب المشروع إلى برلين. فهم هنا في حاجة إلى خبرتنا.
لقد بدأتم بخيام ومشاريع في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن. فهناك يعيش 80000 إنسان على أرض لا تزيد مساحتها على ثلاثة ونصف كيلو مترات مربعة. وبعد الهزة الأرضية في نيبال جلبتم خيام دومو إلى المناطق المتضررة، ومنذ فترة قصيرة انتقلتم أيضاً إلى جزيرة لسبوس اليونانية. فهل هناك عوامل مشتركة بين هذه المشاريع؟
يلاحظ المرء في جميع الأماكن أن الناس المتضررين يريدون وضع أنفسهم تحت التصرف والمشاركة في العمل. فهم يريدون معاملتهم كأناس لديهم معارف وخبرات. فالرغبة في المساهمة في تقديم شيء ما للجماعة كبيرة جداً. ولكن في كثير من الأحيان يدارون في مثل هذه المخيمات وكأنهم سلعة. هنا يجب علينا أن نغيّر تفكيرنا.
لماذا ترون أشياء يبدو أن الآخرين لا يلاحظونها؟
الإغاثة في حالات الكوارث تعمل بشكل جيد جداً على نطاق عالمي: منظمات الإغاثة موجودة لكي تحول دون أن يتعرض الناس خلال الأسابيع الأولى بعد حدوث هزة أرضية أو فيضانات عارمة أو ما شابه من الكوارث الطبيعية، للموت جوعاً أو من شدة البرد. لكن كوارث عصرنا متعبة ومديدة. وهنا نحتاج ،حسب رأيي، إلى إعادة النظر في طريقة التفكير –وأيضاً لدى المنظمات الكبيرة. فكل مهندس يتحدث عن أنه يجب إشراك الناس في العمل. وأنا أتساءل لماذا لا يوجد هذا الحوار في العمل المتعلق باللاجئين. ونحن أصحاب مشروع "أكثر من ملجأ" نحاول تقديم حلول جديدة. ونحن نعرف كيف ندفع الناس إلى المشاركة في الحلول.
كيف هو عملكم في مخيم الزعتري؟
مخيم الزعتري هو ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم. فهناك يعيش بالجزء الأكبر أمهات وأطفال وشيوخ، فالآباء هم غالباً لا يزالون في سورية. فبينما كان اللاجئون في سنة 2000 يعيشون وسطياً نحو سنة ونصف في مخيم للاجئين أصبحت هذه المدة اليوم إثنتي عشرة سنة. وأكثر من نصف السكان لن يعودوا أبداً إلى بيوتهم الأصلية. هذه الأعداد يجب أخذها في الاعتبار عند العمل. البقاء على قيد الحياة والأمن الشخصي هما من الحاجات الأساسية للإنسان. ولكن بعد ثلاث أو أربع سنوات يتساءل الناس، إلى متى سيستمر هذا الوضع، ومتى سيمكنهم العودة إلى ممارسة العمل، وأي أفق مستقبلي ينتظرهم. ونحن اهتممنا في معرفة ما يمكن أن يفعله بالإنسان البقاء زمناً طويلاً دون أي انشغال. ولذلك اعتمدنا تسجيل مهنة جميع القادمين الجدد إلى المخيم. فاللجوء ليس وظيفة. بهذه المعلومات يمكننا تنفيذ مشروعاتنا بطريقة مختلفة كلياً.
بالنسبة لي كشخص يعد مخيم الزعتري أحد أكثر الأماكن إثارة على الإطلاق لأن المرء يرى فيه كيف تنشأ خلال ثلاث سنوات مدينة من اللاشيء، من العدم. لا يجوز، طبعاً، أن نسمي ما نشأ هناك مدينة، لكن ما نشأ يعمل كمدينة. والزعتري يبين ما يمكن أن يؤديه الناس من إنجازات عندما لا تخنق قدراتهم والتزامهم وإنما يتاح لهم احتلال مجالهم الحيوي. فقد انتقلوا في المخيم وجمّعوا الحاويات بطريقة جديدة وفتحوا حوانيت. وهذه المجالات الحرة نادرة. فنحن نحاول بناء مخيم وهم بنوا مدينة –وهذا لا ينسجم مع الإغاثة التقليدية للاجئين. هنا يجب أن نعيد النظر في طريقة تفكيرنا.
ما هي النتيجة المبتغاة؟
نحن نتكلم ونستمع لما يقوله الآخرون. وأنا أسمي هذا "تصميم اجتماعي". ولما نظمنا مع اللاجئين في مخيم الزعتري مشروع "تصاميم- تفكير- ورشات عمل"، نشأ خلال ستة أشهر أكثر من 40 مشروعاً: جوامع، منشآت للغاز العضوي، طاقة شمسية، إعادة تدوير النفايات، زراعة وتحسين البنية التحتية. مع خمس عائلات وطالب ماجستير هولندي نفذنا مشروع "حدائق مياه الصرف". خلال أربعة أشهر نشأت ألفا حديقة. فالناس في مخيم الزعتري فقدوا بيوتهم ولم يعد لهم مكان يمكنهم العودة إليه. وإذا لم نتمكن من تحسين ظروف معيشتهم سينزحون إلى مكان آخر.
بقلم: دانييل كربر
ولد سنة 1970 في فرانكفورت/ماين. درس الفن في باريس ودوسلدورف، وتعرض أعماله في الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا والنمسا وألمانيا. ومنذ 15 سنة يعمل كربر في المكان الذي تتقاطع فيه الهندسة المعمارية والتصميم الصناعي والفن في الهندسة المعمارية غير الرسمية في مناطق الأزمات.
في أول سنة 2012 أسس الشركة الاجتماعية "أكثر من ملاجئ" وهو ينفذ خططاً تصميمية ومعمارية لأغراض إنسانية.