مبدأ التضامن
تبقى ألمانيا وجمهورية التشيك في حوار مستمر حول مسألة اللجوء. وضمن حوار الهجرة في براغ اتفق الجانبان على القيام بجهود مشتركة في الأردن.

يبدو أنه لا يكاد يوجد مكان أفضل من السفارة الألمانية في براغ، للحديث عن الهروب واللجوء والهجرة. في أيلول/سبتمبر احتل آلاف اللاجئين من ألمانيا الديمقراطية DDR مبنى السفارة مطالبين بالسماح لهم بالتوجه إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية. في 30 أيلول/سبتمبر أطلّ وزير الخارجية الألمانية آنذاك هانس-ديتريش غينشر على شرفة السفارة وأطلق كلماته التي أثلجت القلوب، وأثارت موجة من التهليل والراحة. بهذا تحولت تلك السفارة إلى رمز للحرية والسعادة.
اليوم، يبحث أناس مجددا عن الملاذ الآمن، في ألمانيا وفي جمهورية التشيك وغيرهما من بلدان أوروبا. وهناك العديد من الآراء ووجهات النظر المختلفة بين الشركاء الأوروبيين حول كيفية التعامل مع هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين. أيضا ألمانيا وجمهورية التشيك اختلفتا في وجهة النظر والرأي، بشكل خاص عندما جاءت في 2015 أعداد كبيرة من اللاجئين. ومن أجل المحافظة على خطوط النقاش والتواصل بين البلدين، أطلق كلاهما الحوار الألماني التشيكي حول الهجرة. "نحتاج إلى حلول مشتركة لمواجهة التحديات المشتركة"، حسب ميشائيل روت، وزير الدولة لشؤون أوروبا في وزارة الخارجية الألمانية، خلال حوار مع ممثلين عن المجتمع المدني في تشيكيا في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 في السفارة الألمانية في براغ.
جهود مشتركة في الأردن
دار الحوار ضمن إطار افتتاح اللقاء الثالث للحوار حول الهجرة. خلال لقائهم في وزارة الخارجية التشيكية اتفق ممثلو حكومتي البلدين فيما بعد على خطوات تعاون مشتركة. حيث يسعى كلاهما إلى تنظيم نشاط مشترك في مشروع للاجئين في الأردن. وقد اتفق المشاركون من حيث المبدأ على أنه يتوجب على أوروبا توجيه المزيد من الاهتمام إلى البلدان التي يأتي منها اللاجئون، وإلى البلدان الثالثة التي يأتون عن طريقها.
هذه الأفكار هي أيضا جزء من البيان المشترك، الذي وقعه ميشائيل روت مع كبير مستشاري الحكومة التشيكية، فلاديمير شبيندلا في براغ. وحسب البيان فإن الأساس لكافة الجهود في التعامل مع اللاجئين هو التضامن والإنسانية والمسؤولية المشتركة. كما تم الاتفاق أيضا على ضرورة تواصل وتحاور المختصين من الوزارات في كلا البلدين في المستقبل بشكل مكثف حول الموضوعات المنفردة التي تقع ضمن دائرة اختصاصهم، مثل اندماج المهاجرين في سوق العمل على سبيل المثال.
أما ما تقوم به جمهورية التشيك اليوم على صعيد الاندماج، فهذا ما سيراه الضيوف الألمان خلال زيارة استطلاعية إلى مكاتب إحدى المنظمات غير الحكومية، سلوفو 21. المديرة جيلينا سيلايجيدش، كانت هي شخصيا قد هاجرت قبل 25 عاما من سراييفو إلى جمهورية التشيك. حينها لم يكن هناك أية معلومات يمكن أن تساهم في تسهيل عملية البداية الجديدة، حسب تعبيرها. اليوم تختلف الأمور، أيضا بفضل سلوفو 21. بتفويض من الحكومة تقوم المنظمة بدعم المهاجرين ومساعدتهم من خلال تنظيم دورات الاندماج وتعلم اللغة. بالإضافة إلى ذلك نجحت من خلال برنامج تشاركي في جمع المئات من العائلات التشيكية وعائلات المهاجرين مع بعضهم البعض. ولا تكاد المنظمة تحظى بأي دعم من المتطوعين لمساعدة اللاجئين، حيث أن مفهوم وثقافة العمل التطوعي مازالت في مراحل تطورها الأولية في جمهورية التشيك، حسب تعبير جيلينا سيلايجيدش.
"ضد الأحكام المسبقة وأنصاف الحقيقة"
ليس من السهل إقناع أبناء الشعب بقيمة التنوع وفوائده: هذا ما ذكره ممثلو المجتمع المدني خلال اللقاء الذي تم في السفارة قبل الظهر. وقد بينوا مخاوفهم من طريقة العرض التي تقدمها وسائل الإعلام في البلاد، والتي تثير المخاوف والشكوك، بشكل خاص ضد المهاجرين المسلمين. وقد بين استطلاع أجرِيَ مؤخرا أن ما يقرب من ثلثي الشعب التشيكي يعارض قبول لاجئي الحرب. لهذا السبب يريد المحاورون الاطلاع من ضيوفهم الألمان على طريقة التعامل في بلادهم مع معارضي الهجرة واللجوء، وكيف تتم في ألمانيا عملية توزيع اللاجئين بشكل عادل بين المناطق والمدن الألمانية.
ومن المفترض أن يستمر الحوار ضمن هذا المنتدى، حيث سيكون الموعد القادم في ربيع 2017 في برلين. "مسألة الهجرة تبقى المسألة الأهم، كما أنها ستبقى الموضوع الأكثر حساسية والأكثر عرضة للاختلافات"، حسب ميشائيل روت. "نتطلع في المستقبل أيضا إلى حوار قائم على الوقائع، من أجل مواجهة أصحاب الأحكام المسبقة وأنصاف الحقائق في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي".
كلمة وزير الدولة لشؤون أوروبا ميشائيل روت في افتتاح الحوار الألماني التشيكي حول الهجرة في براغ