إلى المحتوى الرئيسي

العودة بعد الإرهاب: قرية تشهد إعادة الإعمار

بولاما دادي هو زعيم قرية في نيجيريا، قامت جماعة بوكو حرام بتدميرها بالكامل. إعادة الإعمار تسهم في استعادة الاستقرار في مجمل المنطقة.

هيلين سيبومHelen Sibum, 13.05.2024
بولاما دادي زعيم قرية نغارانام في شمال شرق نيجيريا.
بولاما دادي زعيم قرية نغارانام في شمال شرق نيجيريا. © UNDP

فجأة أصبح بولاما دادي زعيم قرية، بدون قرية. أكواخ طينية مدمرة ومراعي مهجورة، 2200 امرأة ورجل وطفل مشردون في جميع أنحاء المنطقة، هاربين من إرهاب بوكو حرام. «لقد كانت أوقاتا عصيبة»، يقول الرجل النحيف في أوائل الخمسينات من عمره، والذي تولى منصب رئيس نغارانام خلفاً لوالده منذ أكثر من 20 عاماً. أبناء جماعات فولاني وكانوري وشوا وغامارغو كانوا يعيشون معا في القرية الواقعة شمال شرق نيجيريا. كان الرجال يهتمون معا بالمواشي، بينما تقوم النساء بصناعة القبعات التقليدية. ولكن بعد أن عمدت المجموعة الإرهابية في 2015 إلى حرق القرية، كان على بولاما دادي أن يكون شاهدا على تمزق جماعاته. ولم يتمكن أبناء القرية من الاجتماع مجددا، إلا في أحد معسكرات اللجوء بعد فترة من الزمن. وقد كانت مسألة عودتهم ذات يوم إلى نغارانام، مجرد حلم بعيد المنال.

بولاما دادي يتذكر تماما ذلك اليوم من العام 2019، الذي تغير فيه كل شيء. «كنا نجلس في الخارج في المعسكر، عندما جاء إلينا أشخاص لم يسبق لنا رؤيتهم إطلاقا. "كانوا يبحثون عن سكان نغارانام". واليوم يدرك أنهم كانوا موظفين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP. «أخبرونا أنه ينبغي إعادة بناء قريتنا». نغارانام هي واحدة من تسعة مجتمعات محلية في المنطقة قامت الحكومة النيجيرية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بإعادة بنائها خلال السنوات الأخيرة. وقد حصلت أعمال إعادة الإعمار على الدعم من ألمانيا والسويد والمملكة المتحدة وهولندا والاتحاد الأوروبي. تعتبر إعادة بناء القرى جزءا من مبادرة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ومساعدة ودعم المناطق والقرى التي عانت من إرهاب جماعة بوكو حرام في كل من الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا.

كان الجميع راغبين بالعودة، ولم يكن أي منا معارضا لذلك.
زعيم القرية بولاما دادي

مع تزايد احتمالات العودة إلى نغارانام، تمكن بولاما دادي أخيرًا من القيام بما يعتبره وظيفته الأكثر أهمية: رعاية مجتمعه. خلال عدة اجتماعات، ناقش هو والسكان الآخرون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الشكل الذي ينبغي أن تبدو عليه قريتهم الجديدة. حيث من المفترض أن يكون في القرية مدرسة ونقطة صحية، ناهيك عن الكهرباء والماء. «تم سؤالنا قبل ذلك، عما إذا كنا نريد العودية من حيث المبدأ»، يقول زعيم القرية. رغم المعاناة التي واجهها الجميع من بوكو حرام: «كنا جميعا راغبون في العودة، ولم يكن أي منا معارضا لذلك». 

في الفترة اللاحقة، تم بناء 500 منزل إضافة إلى مدرسة وساحة سوق تضم 16 محلاً تجارياً ومركزاً صحياً وبرج مياه بسعة 20000 لتر ومضخة تعمل بالطاقة الشمسية. شارك بولاما دادي بشكل متكرر خلال مرحلة التخطيط والبناء، كما عمل العديد من السكان في القرية الجديدة بأنفسهم من خلال ما يسمى ببرنامج النقد مقابل العمل، فقد ساعدوا في موقع البناء أو زرعوا الأشجار وحصلوا على أجور معتادة محليا مقابل ذلك. كما حصلت 250 أسرة على الدعم من أجل إعادة فتح متاجرهم. 250 أسرة أخرى حصلت على الدعم من أجل استئناف نشاطها الزراعي.

Dieses YouTube-Video kann in einem neuen Tab abgespielt werden

YouTube öffnen

محتوى ثالث

نحن نستخدم YouTube، من أجل تضمين محتويات ربماتحتوي على بيانات عن نشاطاتك. يرجى التحقق من المحتويات وقبول الخدمة من أجل عرض هذا المحتوى.

فتح تصريح الموافقة

Piwik is not available or is blocked. Please check your adblocker settings.

الحياة في القرية اليوم باتت أفضل مما كانت عليه قبل «الأزمة»، حسبما يصف بولاما دادي الفترة التي اختفت فيها قريته من الخريطة. مقاتلون من جماعة بوكو حرام لاذوا بالفرار من القوات الحكومية، واتخذوا من الغابات ملجأ للاختباء. من هناك أخذوا يهاجمون القرية مرارا وتكرارا، وينهبون ويخربون. وفي إحدى الهجمات قتلوا العديد من النساء. لقد كانت مسيرة طويلة مرعبة انتهت بالدمار الكامل للقرية في العام 2015. وكما هي الحال سكان نغارانام، فقد الملايين من الأشخاص في شمال شرق نيجيريا منازلهم وعاشوا كلاجئين داخليين لدى أقاربهم أو في المخيمات. كثيرون منهم تمكنوا بفضل مبادرة الاستقرار العودة إلى ديارهم، وقد تم إنشاء ما يزيد عن 2000 بناء سكني جديد في الولايات النيجيرية الثلاث أداماوا وبورنو ويوبة.

يشاهد السكان بأعينهم كيف تهتم دولتهم بهم، وتسعى إلى توفير الأمن والسلامة لهم.
أنكة فيلدهاوزن، مفوضة الوقاية من الأزمات وتحقيق الاستقرار لدى وزارة الخارجية الألمانية

«إن إعادة إعمار نغارانام هي مثال على قدرة الناس في البلدان التي تعاني من الأزمات - حتى بعد أن تعرضوا لأخطر الجرائم - أن يبنوا مستقبلاً لأنفسهم»، حسب أنكة فيلدهاوزن، مفوضة الوقاية من الأزمات وتحقيق الاستقرار في وزارة الخارجية الألمانية. ضمن هذا السياق تنشط ألمانيا بشكل كبير من أجل مواجهة الإرهاب، ولمصلحة الناس هناك. «يشاهد السكان بأعينهم كيف تهتم دولتهم بهم، وتسعى إلى توفير الأمن والسلامة لهم. ومع بناء الأسواق والمدارس، من بين أمور أخرى، تعود الخدمات الأساسية من جديد. وهذا يخلق الثقة، والتي تعتبر بدورها هي الأساس للسلام الدائم. 

ويشعر الناس الآن بالأمان في نغارانام مرة أخرى، كما يؤكد بولاما دادي، الذي لديه 17 طفلاً ويريد الآن العودة إلى تربية الماشية في القرية مرة أخرى. تتمتع القرية الآن بحماية أفضل، ويوجد نقطة شرطة تضم حوالي 30 عنصرا إضافة إلى خندق طويل يحيط بالقرية. ما الذي يأمله بولاما دادي للمستقبل؟ «منح تعليمية ودراسية للأطفال والشباب»، حسب قوله. كي يتمكنوا من الاستمرار في التعلم بعد انتهاء المرحلة الابتدائية في نغارانام.