«الجمع بين تقاليد من مئات السنين والتقنيات الحديثة»

السيد ديتريش، ما سبب أهمية وجدوى التأهيل المهني والعمل في المجال الحرفي في ألمانيا؟
التأهيل المهني والعمل في مجال الحرف اليدوية يعتبر ضمانة لمستقبل مهني ناجح: فالحرف اليدوية ليست فقط مجرد محرك أساسي للنمو والرخاء في ألمانيا، وإنما تشكل أيضا من خلال ما يزيد عن مليون شركة، جزءا أساسيا من الشركات المتوسطة الحجم في البلاد. الطلب على العمالة الماهرة والتخصصية مرتفع كثيرا، كما تعتبر الحرف اليدوية بشكل خاص في غاية الأهمية بالنسبة لمشروعات التحول فيما يتعلق بحماية المناخ أو التحول على صعيد الطاقة والنقل، ناهيك عن توفير المواد الغذائية والخدمات والمنتجات الصحية التي تعتمد على الحرف اليدوية. الذكاء الصناعي لن يكون في المستقبل قادرا على أن يقوم مقام الحلاق. أي أن العمل في مجال الحرف اليدوية مضمون المستقبل.

بالإضافة إلى ذلك يتيح العمل في مجال الحرف اليدوية فرصة التطور الذاتي والإبداع وإبراز المهارات الخاصة: هناك تنوع رائع يضم أكثر من 130 مهنة - سواء في قطاع البناء أو في الصناعات الغذائية أو الصحية أو في المجالات الإبداعية مثل الفنون والحرف اليدوية. ومن الأسباب الأخرى أيضا فرصة المردود المادي الجيد: فخلال مرحلة التأهيل المهني يمكن للشباب كسب بعض المال. بعد التخرج من معهد التأهيل المهني، تتيح العديد من الحرف اليدوية رواتب جيدة والعديد من الفرص للتقدم والتطور، سواء كان ذلك من خلال المزيد من التدريب، على سبيل المثال للحصول على شهادة حرفي رئيسي «معلم»، والتي تعادل درجة البكالوريوس الأكاديمية، وصولا إلى التأهيل الذي يتيح لك فرصة تأسيس شركتك الخاصة.  

ما الذي يميز الحرف اليدوية الألمانية مقارنة بالأسواق العالمية؟
تتمتع الحرف اليدوية الألمانية بسمعة ممتازة في الأسواق العالمية، وهي تعني باستمرار القدرة التنافسية الكبيرة والنوعية المتميزة والالتزام بالمواعيد ومتابعة الخدمات بشكل جيد كما تتميز بالموثوقية والمرونة. تجتمع التقاليد القديمة المستمرة منذ قرون مع التكنولوجيا المتطورة لتلبية متطلبات السوق المتغيرة باستمرار.  

في العديد من مجالات الحرف اليدوية تعتبر ألمانيا هي الرائدة من الناحية التقنية: سواء في صناعة السيارات أو بناء الآلات أو الهندسة الكهربائية، غالبًا ما تحدد المنتجات والخدمات الحرفية الألمانية المعايير في جميع أنحاء العالم. تتمتع العديد من الشركات الحرفية بسنوات طويلة من الخبرة في مجال الأعمال على المستوى الدولي ولدى بعضها نسب عالية من التصدير. وهي قادرة على التجاوب مع رغبات واحتياجات العملاء وإيجاد الحلول الفردية الخاصة بهم. تعتبر هذه المرونة والدرجة العالية من القدرة على تلبية العملاء من المزايا التنافسية الحاسمة في السوق الدولية. باستمرار تزداد أهمية مسألة الاستدامة. تركز العديد من الشركات الحرفية على الحفاظ على الموارد وحماية البيئة. وهذا يتماشى مع تطورات العصر والتوجهات الحالية كما يعتبر عنصرا مهما لنيل الاعتراف على المستوى الدولي.  

التطورات الجديدة في التكنولوجيا والذكاء الصناعي تقود إلى تغيير عالم العمل باستمرار. كيف تواكب الشركات الحرفية هذه التطورات وما هو شكل الحرف اليدوية المستقبلية؟
تواكب الحرف اليدوية باستمرار التطورات الجديدة وتتأقلم معها منذ قرون، كما تسهم بشكل فعال في بناء المستقبل. كثير من الشركات تعتمد على التقنيات الحديثة والتجهيزات الرقمية في سعيها إلى تحسين إجراءات ومراحل العمل. إضافة إلى ذلك يتعاون قطاع الحرف اليدوية بشكل وثيق مع مؤسسات البحث والجامعات وشركات التقنية. هذا التعاون يدعم التبادل العلمي ويتيح فرصة الوصول إلى أحدث الابتكارات والإبداعات كما يتيح في ذات الوقت التطبيق العملي السريع لها. من استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد إلى الآلات التي يتم التحكم فيها بواسطة الذكاء الصناعي إلى برامج التخطيط والحساب الرقمي - تتغلغل الرقمنة بالفعل في جميع مجالات الأعمال. ومن أجل تلبية المتطلبات المستقبلية ومواكبة التطورات التكنولوجية، تستثمر الشركات الحرفية ومراكز التدريب باستمرار في التدريب والتعليم الإضافي. كما يتم تكييف محتوى التدريب بما يضمن تزويد المتدربين بالمعرفة والمهارات اللازمة. وهكذا تظهر على سبيل المثال أنواع جديدة من المهن، مثل الأخصائي الإلكتروني لإدماج أنظمة المباني. على الرغم من صعوبة معرفة المستقبل بدقة، إلا أن الأمر المؤكد هو: الحرف اليدوية في المستقبل سوف تكون أكثر رقمية وتشبيكا واستدامة، وذلك دون أن يؤدي هذا إلى تراجع قوتها وأهميتها التقليدية. 

 _____________________________________

يورغ درتريش، متخصص في بناء الأسقف، من درسدن، ويترأس منذ الأول من كانون الثاني 2023 الاتحاد المركزي للحرف اليدوية في ألمانيا.