حماية الغابات بالذكاء الاصطناعيّ
إلى ماذا تحتاجُ الغابات، عندما يتغيَّر المناخ؟ يسعى مشروع فيوتشر فورست إلى الوقوف على تلك الاحتياجات بمساعدة الذكاء الاصطناعي.
دمَّرت موجاتُ الجفاف والأمطارُ الغزيرة والعواصفُ وأسرابُ الآفات ما يقرب من 501 ألف هكتار من الغابات في ألمانيا في الفترة من 2018 وحتى 2021. وتُمثِّل هذه النسبة ما يقرب من خمسة في المائة من إجمالي مساحة الغابات في ألمانيا. ويزيد تأثيرُ الاحتباس الحراريّ العالميّ وما ينتج عنه من ظواهر مناخية عنيفة من الإثقال على كاهل الغابات، غير أن مشروع فيوتشر فورست (FutureForest) يعتزم كبحَ جماح هذه التطوُّرات السلبية. وبالاستعانة بالذكاء الاصطناعيّ، يضع المشروعُ توصياتٍ باتباع إجراءاتٍ مُعيَّنة من أجل حماية الغابات الألمانية بصورةٍ مستدامة وجعلها قادرةً على التكيُّف مع تغيُّر المناخ. بدأ المشروع في عام 2022، ومقررٌ له أن يستمر لمدة ثلاثة أعوام. ويحظى بتمويلٍ من قِبل الوزارة الاتحادية للبيئة والسلامة النووية وحماية المستهلك.
متابعةٌ من أجل الغابات
يستطيع الذكاءُ الاصطناعيُّ تحليلَ كمياتٍ كبيرةٍ من البيانات البيئية وتقديم تنبؤات دقيقة. وتلك الإمكانات يستغلها مشروع فيوتشر فورست لمراقبة حالة الغابات بصفةٍ مستمرة، ولتحديد المشكلات المحتملة في مرحلةٍ مبكرة، والتوصية باتباع تدابير مناسبة للحفاظ على الغابات. يُحلل مشروع فيوتشر فورست، من أجل ذلك، البيانات من صور الأقمار الاصطناعية، وعينات التربة، وعمليات رصد الطقس ومصادر أخرى؛ مثل أجهزة الاستشعار ذاتية التطوير، التي تقيس عوامل الإجهاد مثل السخونة والجفاف. يقول تورستن رايتز، مؤسس شركة تطوير برمجية التشغيل وي ترانسفورم في مدينة دارمشتات، التي تقود المشروع: "لقد طوَّرنا بناءً على هذه البيانات إجراءاتٍ مُحدَّدة تُركِّز على الكشف عن أسباب موت الأشجار والمخزونات التي تتعرَّض لإجهادٍ شديد".
مقترحاتٌ لسيناريوهاتٍ مناخية مختلفة
يستطيع الذكاءُ الاصطناعيُّ، فضلاً عما سبق، المساعدةَ في تخطيط مشروعات التشجير واختيار أنواع الأشجار الأكثر ملاءمة. بعد تعرُّض غابة ما لحريق، على سبيل المثال، يعتزم مشروع فيوتشر فورست اقتراح خمسة إلى عشرة بدائل لإعادة التشجير المقاومِة للتغيُّرات المناخية في المستقبل. يوضِّح رايتز: "من خلال اتباع إجراءات الذكاء الاصطناعي نحن قادرون على توفير خرائط شجرية مُسطحة وواضحة مكانيًا لتخطيط تحويل الغابات". ومن ثم يُطوِّر الذكاءُ الاصطناعيُّ مقترحاتٍ لما يصل إلى تسعة سيناريوهات مناخية مختلفة؛ بدءًا من هدف 1.5 درجة، الذي حدَّده اتفاق باريس للمناخ إلى السيناريو المتطرف المتمثل في ارتفاع الاحتباس الحراري بأكثر من أربع درجات بحلول عام 2100.
ويُفترض على المدى المتوسط أن تُتاح بيانات مشروع فيوتشر فورست في سحابةٍ إلكترونية. وهكذا يمكن للمشروعات الأخرى أيضًا الاطلاع على تلك البيانات وإتاحتها لعامة الناس.