"الألعاب تنقل القيم والروايات"
خبيرُ الألعاب منوشهر شمسريزي من جامعة هومبولت في برلين مُتحدِّثًا حول دور الألعاب الرقمية في السياسة الثقافية والتعليمية الخارجية.
سيد شمسريزي، لطالما اُعتبرت الألعابُ الرقميةُ بواعثَ ابتكارٍ للتطوُّرات التقنية. وأنت تقولُ إن الألعابَ يمكن أن تلعب حتى دورًا مهمًا في السياسة الخارجية. ما حدودُ هذا الدور؟
عليك أن تُدركَ أن الألعابَ هي الوسيطُ الأكثرُ استخدامًا والأوسع انتشارًا في عصرنا. تتحدَّث الأرقامُ الحالية -إذا أخذناها بمفهومها الواسع- عن ثلاثة مليارات لاعب تقريبًا حول العالم. ووفقًا للأبحاث المُنفَّذة، نعلم أن الألعابَ الرقميةَ بارعةٌ للغاية على نقل الروايات السياسية. عندما ألعب على سبيل المثال لعبة محاكاة اقتصادية، تعكس العواقبُ المُحدَّدة لأفعالي هناك تصوُّرًا مُعيَّنًا عن طريقة عمل الأنظمة الاجتماعية أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، تُعرف الألعاب باسم "ماكينات التعاطف".
ماذا يعني ذلك؟
الألعاب تفاعلية، ومن ثم فهي خيارٌ أفضل بكثير من الوسائط النمطية الكلاسيكية كالأفلام أو الكتب، فيما يتعلَّق بخلق التعاطف لدى أولئك الذين يلعبونها. وهي تسمح علاوةً على ذلك بأشكالٍ تفاعلية اجتماعية ومكانية وزمنية جديدة. لذا، تنقل الألعابُ القيمَ والرواياتِ بطريقةٍ تفاعلية واندماجية، بحيث تلقى صدًى كبيرًا لدى الأشخاص. ولم يعد بوسع أيِّ شخصٍ جاد بشأن السياسة الثقافية والتعليمية الخارجيةتجاهُلَ وسيطٍ كالألعاب.
هل لديك مثالٌ لنا؟
بكل سرور. في عام 2022، بدأ معرض سبرنتين اللندني التواجدَ افتراضيًّا في لعبة الفيديو فورتنايت، وقدَّم هناك معرضًا للفنان بريان دونيلي، المعروف بالاسم الفني كاوس (KAWS). وتحدَّثت مجلة ذي إيكونوميست الاقتصادية عن "أكبر معرض فني في العالم". حيث تَمكَّن اللاعبون -في أثناء ذلك- من مشاهدة الأعمال وكأنهم بين زوار المعرض على أرض الواقع. هذا أحد أنواع الوصول العالمي الشامل إلى الثقافة، وهو أمرٌ لطالما اُعتُبر دربًا من الأحلام، لكن الألعاب هي الوسيط الوحيد الذي يجعله ممكنًا.
عندما تقول إن الألعابَ الرقميةَ تنقل الرواياتِ السياسية: إلى أيِّ مدى تكون هذه الروايات عرضةً للتضليل؟
لسوء الحظ، هذه مشكلةٌ يجب أخذُها على محمل الجد. وهذا سببٌ آخر لأهمية تركيز السياسة الخارجية على الألعاب. خلال العام الماضي، تم تداول مشاهد معارك مزعومة، ومقاطع بث مباشر من حرب أوكرانيا على يوتيوب وتيك توك، لكن مصدرها -في الواقع- كان لعبة فيديو. وما هذا إلا مثالٌ واحدٌ من أمثلةٍ كثيرة. يمكن أن تكون ألعابُ الفيديو ساحاتٍ للمعلومات المُضلِّلة، والروايات المُدمِّرة للديمقراطية. لذلك، نحنُ بحاجة ماسة إلى مراقبة دقيقة للتطوُّرات. وفهم أفضل لما تتمتع به الألعاب من قوة تحويلية ومتعددة الثقافات.
يتناول كتاب منوشهر شمسريزي تبعات اللعب على المجتمع. هو -على سبيل المثال لا الحصر- أحدُ مُؤسِّسي منصة gamelab.berlin في مجموعة التميُّز التابعة لجامعة هومبولت، وزميلٌ في ندوة زالتسبورغ جلوبال سيمنار، والجمعية الألمانية للسياسة الخارجية. ويعمل مستشارًا لوزارة الخارجية الألمانية، لشؤون الألعاب في الاتصالات الاستراتيجية، منذ عام 2018. وهو مؤلف دراسة "الميتافيرس والألعاب: عوامل قوة للسياسة الخارجية الثقافية والتعليمية (Metaverse und Gaming: Potenziale für die Auswärtige Kultur- und Bildungspolitik)" الصادرة من معهد العلاقات الثقافية الخارجية (ifa).