إلى المحتوى الرئيسي

"السياسةُ الخارجيةُ النسوية تحتاجُ إلى نفسٍ طويل"

غيسا برويتيغام، المبعوثة الخاصة للسياسة الخارجية النسائية، توضح لنا في هذه المقابلة الحوارية لماذا تعد حقوق المرأة مؤشرًا لوضع المجتمع.

كيم بيرغKim Berg, 10.05.2024
غيسا برويتيغام، المبعوثة الخاصة للسياسة الخارجية النسوية
غيسا برويتيغام، المبعوثة الخاصة للسياسة الخارجية النسوية © dpa/pa

وضعت وزارةُ الخارجية الألمانية منذ مارس/آذار 2023 مبادئ توجيهية بشأن سياسةٍ خارجية نسوية. وتُشكِّل هذه المبادئ الأساس، الذي تستند إليه السياسةُ الخارجية الألمانية لمواجهة التمييز المُمنهَج ضد النساء والفئات المهمشة في شتى أرجاء العالم. تشغل غيسا برويتيغام منصب المبعوثة الخاصة للسياسة الخارجية النسوية في وزارة الخارجية الألمانية. تتحدَّث السيدةُ عن المساعي التي تبذلها من أجل تنفيذ هذه السياسة.

سيدة برويتيغام، ما المقصود بالسياسة الخارجية النسوية؟

تسعى السياسة الخارجية النسوية لتعزيز حقوق النساء والفئات المهمشة، ودعم تمثيلها ومواردها في جميع أنحاء العالم. والسياسة الخارجية النسوية ليست سياسة للنساء ومن أجل النساء فقط، بل يمتد تأثيرُها ونفعُها ليشمل الجميع. وقد ينتمي الرجالُ كذلك في سياقاتٍ مُعيَّنة إلى فئةٍ مضطهدة في المجتمع. 

ونرى، فضلاً عن ذلك، أن السياسة الخارجية النسوية ليست مجالًا إضافيًا من مجالات السياسة إلى جانب السياسة الأمنية وسياسة التنمية وما إلى ذلك، بل هي نهجٌ للعمل في جميع مجالات السياسة الخارجية. إنها سياسةٌ للحكومة الاتحادية الألمانية بأكملها تأصَّلت جذورُها في اتفاق تشكيل الائتلاف الحكومي. ولهذا السبب اعتمدت وزارةُ التنمية كذلك سياسةً تنموية نسوية نُسِّقت بنودها بعد مشاوراتٍ مكثَّفة معنا.

نحن لا نتناول السياسة الخارجية النسوية باعتبارها مفهومًا أكاديميًا، لكن ما يهمنا هو تنفيذها عمليًا على أرض الواقع قدر الإمكان. فما نقوم به يجب أن يعود بالنفع الفعليّ على الأشخاص الأفراد. وفي الوقت ذاته، لا تمثل السياسةُ الخارجية النسوية عصا سحرية تحل كلَ المشكلات بضربٍ من الخيال. ولن يحدث التغيير بين عشيةٍ وضحاها، بل يحتاجُ إلى نفسٍ طويل.

تحتاج السياسةُ الخارجية النسوية إلى نفسٍ طويل.
- غيسا برويتيغام

ما المهام التي تتولينها بصفتك مبعوثة خاصة للسياسة الخارجية النسائية؟

تتمثل مهمة فريقي، الذي أشرف عليه، في تعميم السياسة الخارجية النسوية في جميع مجالات السياسة الخارجية الألمانية، وتعزيزها على المستوى الدولي بالتعاون مع شركائنا. 

ما التأثيرات الإيجابية التي أحدثتها السياسة الخارجية النسوية مقارنة بالسياسة الخارجية التقليدية؟

تحاول السياسةُ الخارجيةُ النسوية تجنُّب الثغرات وتفادي التبعات السلبية لسياساتنا. وبذلك نحصل على صورةٍ أفضل من السياسة؛ لا سيّما فيما يتعلَّق بالمعضلات القائمة في السياسة الخارجية‎. نسعى دائمًا لأخذ جميع فئات المجتمع بعين الاعتبار، فإذا بذلنا جهودًا من أجل مشاركة جميع الفئات المعنية، فسنحصل على نتائج أفضل وأكثر استدامة؛ إذ تستمر اتفاقياتُ السلام لفترةٍ أطول، حينما تكون النساءُ والأقلياتُ ممثَّلةً على الطاولة عند التفاوض. كما يتضح أمامنا أن المجتمعات الأكثر شمولاً، والتي تستوعب جميع فئات المجتمع، تتحلَّى بقدرٍ أكبر من المرونة والاستقرار، وتكون في كثيرٍ من الأحيان كذلك أكثر نجاحًا في الجانب الاقتصادي.

Dieses YouTube-Video kann in einem neuen Tab abgespielt werden

YouTube öffnen

محتوى ثالث

نحن نستخدم YouTube، من أجل تضمين محتويات ربماتحتوي على بيانات عن نشاطاتك. يرجى التحقق من المحتويات وقبول الخدمة من أجل عرض هذا المحتوى.

فتح تصريح الموافقة

Piwik is not available or is blocked. Please check your adblocker settings.

هل يمكنكِ ذكر مثالٍ على نجاح السياسة الخارجية النسوية؟

ثمة مثالٌ واضحٌ يتجلَّى في وضع النساء والفتيات في إيران. نرى أن السياسية الخارجية النسوية تعني أنه في ضوء القمع الوحشي للنساء في إيران، لا يمكن أن يكون هناك "عمل على النحو المعتاد" مع النظام الإيراني. بل على العكس تمامًا: بذلنا في الأمم المتحدة جهودًا حثيثة لمواجهة اعتراضاتٍ شديدة على إرسال بعثة من أجل تقصّي الحقائق حول وضع حقوق الإنسان في إيران واستطعنا مؤخرًا تمديدها لفترةٍ أخرى. والهدف من هذه المهمة هو توثيق جرائم النظام الإيراني ضد شعبه، لا سيّما فيما يخص قمع الاحتجاجات التي قادتها النساء. ومن ثمَّ، نشير من خلال ذلك إلى اعتراضنا على مناخ الإفلات من العقاب السائد في إيران، والذي يساعد على العنف التعسفي الذي تمارسه الدولة. وقد فرضنا عقوباتٍ واسعة النطاق على القيادة الإيرانية وقدمنا تأشيراتٍ إنسانية وفرصًا للمشاركة في مشاريع الحماية للنساء الإيرانيات المُعرَّضات للخطر على وجه الخصوص.

إلى أي مدى تتواصلين مع بلدانٍ أخرى في أوروبا وفي أرجاء العالم تتبع أيضًا سياسةً خارجية نسوية؟

تحذو ألمانيا، من خلال سياستها الخارجية النسوية، حذو دولٍ أخرى حول العالم تمارس بالفعل سياسةً خارجية نسوية، ومنها على سبيل المثال إسبانيا وكندا والمكسيك. وتنضمُ إليها باستمرار دولٌ جديدة؛ مثل تشيلي ومنغوليا. نتعاون في العمل معها على نحوٍ وثيق‎. لقد أرست بعضُ الدول سياسةً خارجية نسوية واضحة المعالم، بينما نفذّتها دولٌ أخرى دون أن تطلق عليها هذه التسمية. والجدير بالذكر: أن هذه الدول متنوعة للغاية. ومُمثَّلةٌ في جميع قارات العالم. تنشط دولُ أمريكا اللاتينية، على وجه الخصوص، في هذا المجال‎. كما يزداد عدد الدول ذات التفكير المماثل، وهذا يشير إلى ما يلي‎: السياسة الخارجية النسوية ليست مشروعًا غربيًا بحتًا ولا مشروعًا نخبويًا. بل مشروعًا تعم فائدته على الجميع‎.

لماذا تعد السياسة الخارجية النسوية موضوعًا مهمًا خاصة في الوقت الحالي؟

في الحقيقة، يجب أن تكون السياسة الخارجية النسوية هي الشيء الأكثر طبيعية في العالم، نظرًا لأن هناك 189 دولة قد ألزمت نفسها بتحقيق المساواة من خلال توقيعها على اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) والإعلان العالمي لحقوق الإنسان‎. ومن ثم، نحن لا نفرض "قيمنا" على الغير‎. ورغم ذلك نشهد حاليًا تراجعًا عالميًا ضد حقوق المرأة ومجتمع الميم وفئاتٍ أخرى‎. وهذا أمرٌ مقلقٌ للغاية. لذا تزايدت الحاجة إلى سياسةٍ خارجية نسوية نشطة‎. فهذا التراجع يؤثر علينا جميعًا، لأن حقوق المرأة تعد مؤشرًا لوضع المجتمع؛ إذ عندما تتضاءل مساحات حرية التعبير والتنوع داخل المجتمع، تكون البداية دومًا بتقييد حقوق المرأة والأقليات‎. وتقييدها هو في الأساس إشارة إنذار لحقوق الجميع‎.

نشهد حاليًا تراجعًا عالميًا ضد حقوق المرأة ومجتمع الميم وفئاتٍ أخرى. وهذا أمرٌ مقلقٌ للغاية.
غيسا برويتيغام

ما التغييرات التي أحدثتها السياسة الخارجية النسائية بالفعل في السياسة الألمانية؟

استحدثنا على سبيل المثال "الميزانية الجنسانية" في وزارة الخارجية، فمن جهةٍ نستطيع من خلال ذلك قياس قدر الأموال التي ننفقها بطريقة تراعي الفوارق بين الجنسين وتحدث تحولاً فيما يخص الفوارق بين الجنسين‎. ومن جهةٍ أخرى وضعنا لأنفسنا أيضًا أهدافًا طموحة على هذا الأساس: فبحلول عام 2025، ينبغي الاستفادة من 85% من أموال مشاريع وزارة الخارجية الألمانية بطريقة تراعي الفوارق بين الجنسين وثمانية في المائة بطريقة تحدث تحولًا فيما يخص الفوارق بين الجنسين‎. وقد وضعت وزارة التنمية هذا الهدف نصب عينيها. قد يبدو هذا أمرًا تقنيا، ولكنه يعني في نهاية المطاف أننا ندعم تطبيق سياستنا الخارجية والتنموية النسوية على أرض الواقع بأموالٍ كثيرة، ومن ثم تحسين وضع المرأة والفئات المهمشة في جميع أنحاء العالم‎.