"رحلاتُ الفضاء مثلُ الهواء الذي نتنفسه"
عن المهام القمرية والرؤى المستقبلية: لماذا تُعد رحلاتُ الفضائية مهمةً في حياتنا اليومية.
عن المهام القمرية والرؤى المستقبلية: يُبيِّن فالتهر بلتسر، الأمينُ العام لمركز الرحلات الجوية والفضائية الألماني (DLR) والمديرُ العام لوكالة الفضاء الألمانية، لماذا تُعد رحلات الفضاء ضروريةً في حياتنا اليومية ولا غنى عنها.
يرأس فالتهر بلتسر وكالةَ الفضاء الألمانية في مركز الرحلات الجوية والفضائية الألماني منذ عام 2018. تُنسِّق الوكالةُ أنشطةَ رحلات الفضاء الألمانية وتديرها وتراقبها بتكليفٍ من الحكومة الاتحادية، وتُمثِّل كذلك مصالح ألمانيا في المنظمات الدولية المعنية بالفضاء، مثل وكالة الفضاء الأوروبية (ESA).
دورُ ألمانيا في العودة إلى القمر...
… جوهريّ. لم تكن الولاياتُ المتحدة الأمريكية لتتمكن من الطيران إلى القمر - وفق برنامج أرتميس - من دون ألمانيا؛ إذ تضمن وحدةُ الخدمة الأوروبية (ESM) الموجودة على متن المركبة الفضائية (أوريون) تزويدَ رواد الفضاء بالأكسجين والماء. تتحكَّم في القوة الدافعة وتوفرُ الكهرباءَ وتنظم درجة الحرارة وتعمل كهيكل قاعدي. مركبةٌ جُمِّعت أجزاؤها ورُكِّبت في مدينة بريمن الألمانية. يتحدَّث رائدا فضاء وكالة ناسا، بوتش ويلمور وسوني ويليامز، اللذان تقطَّعت بهما السبل وتعرَّضا لمشكلاتٍ في مركبتهما، عن مدى أهمية هذه الوحدة؛ فبسبب عطلٍ في وحدة الخدمة الأمريكية في الكبسولة الفضائية (سي إس تي-100 ستارلاينر) تأجَّلت عودتهما من محطة الفضاء الدولية لعدة أشهر، ليتقرر هبوطهما في عام 2025. بينما كان من المفترض في الأساس أن يقضيا ستة أيامٍ في المحطة الفضائية.
مشروعُ الفضاء الألمانيّ الأكثر إثارةً...
... يصعب تحديده. لدينا العديدُ من مشاريع الفضاء الرائعة ذات المشاركة الألمانية داخل وكالة الفضاء الأوروبية وخارجها، وهو الأمر الذي أجده مثيرًا بصورةٍ لا تُصدَّق؛ فمن خلال المسبار الفضائي الأوروبي "جويس"، نحن في طريقنا إلى كوكب المشتري. نريدُ البحثَ عن اللبنات الأساسية للحياة على أقمار هذا الكوكب. ومن خلال مهمة "إيرث إكسبلورر"، أو مستكشف الأرض، سنسد الفجوات المعرفية حول تغيُّر المناخ. سنتعرَّف، على سبيل المثال، على الدور الذي تلعبه السحب في تطوُّر درجات الحرارة. وهناك العديد من المشاريع الأخرى، التي تساعدنا على تطوير العلوم والبحث عن حلول للمشكلات الحالية.
رحلاتُ الفضاء تلعب دورًا مهمًا في حياتنا اليومية، لأن...
... رحلات الفضاء مثل الهواء الذي نتنفسه. لا يُرى، ولكنه ضروريٌّ للحياة. إذا توقفنا عن الاستفادة من البنية التحتية الفضائية، فسوف نعود إلى العصور الوسطى؛ فالاتصالات والملاحة وكذلك تقارير الطقس ما هي إلا المزايا الواضحة لتكنولوجيا الفضاء. إلا أن قليلين فقط هم من يدركون أن إمدادات الكهرباء كذلك غير ممكنة اليوم دون الأقمار الاصطناعية الملاحية – خاصةً عند تغذية شبكة الكهرباء بالطاقات المتجددة. تُمكِّننا الإشاراتُ الزمنيةُ الدقيقةُ للغاية من التحكم بكفاءة في تذبذب تدفق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومزامنتها مع محطات الطاقة التقليدية ونظم التخزين. ودون مزامنة الوقت مع الأقمار الاصطناعية الملاحية، ستنهار شبكةُ الكهرباء لدينا. وما هذه إلا أمثلةٌ بسيطة لتأثير رحلات الفضاء على حياتنا اليومية.
الشراكات العالمية في رحلات الفضاء …
... مفيدةٌ للغاية. من جهة، تفرض رحلاتُ الفضاء تكاليف مرتفعة. ويمكن من خلال الشراكات التعاونية توزيعُ تكاليف المشاريع الفضائية على بلدانٍ عدة. علاوةً على ذلك، ليست ثمة أمةٌ في العالم تتفوق في جميع التقنيات. ومن ثم يمكننا من خلال تبادل المعارف أن نكون أفضل وأسرع وأكثر ابتكارًا. وثالثًا، تلعب دبلوماسيةُ رحلات الفضاء دورًا متزايد الأهمية في السياسة؛ فمن خلال رحلات الفضائية يتسنى للدول أن تتعاون في مجالٍ مُعيَّن وتفتح قنوات حوار يتعذَّر فتحُها في مجالاتٍ أخرى. أرى شخصيًا أن محطةَ الفضاء الدولية، على سبيل المثال، عملٌ سياسيٌّ عظيم، لأنها توضِّح ما يمكننا تحقيقه كبشر إذا تعاوننا معًا على نحوٍ هادف وبنَّاء.